وصدق ﴿يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيهِمْ آيَاتِنَا﴾، أي: يكادون يبادرون الذين يحتجون عليهم بالدلائل الصحيحة [من القرآن][١]، ويبسطون إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء ﴿قُلْ﴾، أي: يا محمد، لهؤلاء: ﴿أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، أي: النار وعذابها ونكالها أشد وأشق وأطم وأعظم مما تُخَوِّفون [٢] به أولياء الله المؤمنين في الدنيا، وعذاب [٣] الآخرة على صنيعكم هذا أعظم مما تنالون منهم، إن نلتم بزعمكم وإرادتكم.
يقول تعالى منبهًا على حقارة الأصنام وسخافة عقول عابديها: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ﴾، أي: لما يعبده الجاهلون بالله الشركون به، ﴿فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾، أي: أنصتوا وتفهموا. ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَو اجْتَمَعُوا لَهُ﴾، أي: لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأنداد، علي أن يقدروا علي خلق ذباب واحد، ما قدروا علي ذلك. كما قال الإمام أحمد (١٦٩):
حدثنا أسود بن عامر، حدثنا شريك، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة -رفع الحديث- قال:"ومن أظلم ممن خلق خلقًا [٤] كخلقي! فليخلقوا مثل خلقي ذرة أو ذبابة أو حبة".
وأخرجه صاحبا الصحيح (١٧٠)، من طريق [٥] عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "قال الله ﷿: ومن أظلم ممن ذهب يخلق
(١٦٩) المسند (٢/ ٣٩١). (١٧٠) صحيح البخاري، كتاب اللباس حديث (٥٩٥٣)، وصحيح مسلم، كتاب اللباس والزينة (٢١١١).