ولما بيَّن أنه المتصرف في الوجود، الحاكم الذي لا معقب لحكمه، قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾، أي: الإِله الحق، الذي [١] لا تنبغي العبادة إلا له؛ لأنه ذو [٢] السلطان العظيم، الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وكل شيء فقير إليه، ذليل لديه، ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾، أي: من الأصنام والأنداد والأوثان، وكل ما عبد من دونه تعالى فهو باطل؛ لأنه لا يملك ضرًّا ولا نفعًا.
وقوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ كما قال: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ وقال: ﴿[][٣] الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾، فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته، لا إله إلا هو، ولا رب سواه؛ لأنه العظيم الذي لا أعظم منه، العلي الذي لا أعلى منه، الكبير [٤] الذي لا أكبر منه، تعالى وتقدس وتنزه وعَزَّ وَجَلَّ عما يقول [٥] الظالمون علوًّا كبيرًا.
وهذا أيضًا من الدلالة على قدرته وعطم سلطانه، فإنه [٦] يرسل الرياح فتثير سحابًا، فيمطر على الأرض الجُرُز التي لا نبات فيها، وهي هامدة يابسة سوداء قحلة، ﴿فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾.
وقوله: ﴿فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾، الفاء هاهنا للتعقيب، وتعقيب كل شيء بحسبه، كما قال تعالى: ﴿[ثُمَّ خَلَقْنَا][٧] النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا﴾
[١]- سقط من ز، خ. [٢]- سقط من ز، خ. [٣]- في ز، خ: "وهو". [٤]- سقط من ز، خ. [٥]- في خ: "يقوله". [٦]- في ز: وإنه. [٧]- في ز، خ، من: "فخلقنا".