قال: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"، ثم قرأ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ [إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾.
ثم قال تعالى: ﴿فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾، أي: كم من قرية أهلكتها ﴿وَهِيَ ظَالِمَةٌ] [١]﴾ أي: مكذبة لرسولها ﴿فَهِيَ خَاويَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾ قال الضحاك: سقوفها، أي: قد [٢] خربت منازلها، وتعطلت حواضرها.
﴿وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ﴾ أي: لا يستقى منها ولا يردها أحد بعد كثرة وارديها والازدحام عليها.
﴿وَقَصْرٍ مَشِيدٍ﴾ قال عكرمة: يعني المبيض بالجص.
وروي عن علي بن أبي طالب ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وأبي المليح والضحاك نحو ذلك.
وقال آخرون: هو المنيف المرتفع.
وقال آخرون: هو [٣] الشديد المنيع الحصين.
وكل هذه الأقوال متقاربة، ولا منافاة بينها، فإنه لم يحم أهله شدة بنائه ولا ارتفاعه، ولا إحكامه ولا حصانته، عن حلول بأس الله بهم، كما قال ﵎: ﴿أَينَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾.
وقوله: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾، أي: بأبدانهم وتفكرهم [٤] أيضًا، وذلك كافٍ، كما قال ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر والاعتبار:
حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا سيار، حدثنا [٥] جعفر، حدثنا مالك بن دينار قال: أوحى الله تعالى إلى موسى ﵇: أن يا موسى اتخذ نعلين من حديد وعصا، و [٦] سح في الأرض، ثم [٧] اطلب الآثار والعبر، حتى تتخرق النعلان، وتكسر العصا.
و [٨] قال ابن أبي الدنيا: قال بعض الحكماء: [أحي قلبك بالمواعظ] [٩]، ونوّره بالفكر، وموته بالزهد، وقوّه باليقين، وذلله [بالموت وقرره بالفناء] [١٠]، وبصره فجائع [١١] الدنيا،
[١]- سقط من ز، خ.
[٢]- سقط من خ.
[٣]- سقط من خ.
[٤]- في خ: بفكرهم.
[٥]- في ز: بن.
[٦]- في ز: ثم.
[٧]- في ز: و.
[٨]- سقط من ز.
[٩]- في ز: "أخي عليك بالواعظ".
[١٠]- في ز: "بالقرب وتدبره بالثناء".
[١١]- في ز: بمجامع.