فلهذا قال الشَّافعي وجماعة من العلماء: إن أول وقت الأضحى إذا طلعت الشمس يوم النحر، ومضى قدر صلاة العيد والخطبتين، زاد أحمد: وأن يذبح الإمام بعد ذلك، لما جاء في صحيح مسلم:"وأن لا تذبحوا حتَّى يذبح الإِمام"(١٤٤).
وقال أَبو حنيفة: أما أهل السواد من القرى ونحوهم فلهم أن يذبحوا بعد طلوع الفجر، إذ لا صلاة عيد عنده لهم، وأما أهل الأمصار فلا يذبحوا حتَّى يصلي الإِمام، والله أعلم.
ثم قيل: لا يشرع الذبح إلَّا يوم النحر وحده. وقيل: يوم النحر لأهل الأمصار، لتيسر الأضاحي عندهم [١]، وأما أهل القرى فيوم النحر وأيام التشريق بعده، وبه [٢] قال سعيد بن جبير.
وقيل: يوم النحر ويوم بعده للجميع [٣].
وقيل: ويومان بعده، وبه قال الإِمام أحمد.
وقيل: يوم النحر وثلاثة أيام التشريق بعده. وبه قال الشَّافعي، لحديث جبير بن مطعم: أن رسول الله، ﷺ، قال:"وأيام التشريق كلها ذبح"(١٤٥). رواه أحمد وابن حبان.
وقيل: إن وقت الذبح يمتد إلى آخر ذي الحجة. وبه قال إبراهيم النخعي، وأَبو سلمة بن [عبد الرحمن][٤] وهو قول غريب.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾، يقول تعالى: من أجل هذا ﴿سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ، أي: ذللناها لكم، أي: جعلناها منقادة لكم خاضعة، إن شئتم ركبتم، وإن شئتم حلبتم، وإن شئتم ذبحتم، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (٧٢)
(١٤٤) لم يقع في مسلم هذا اللفظ. (١٤٥) المسند (٤/ ٨٢) (١٦٨٠١). والحديث أخرجه ابن حبان كما في الموارد (حديث ١٠٠٨). والطبراني (٢/ ١٣٨) حديث (١٥٨٣). قال الهيثمي في المجمع (٤/ ٢٨): رواه أحمد وروى الطبراني في الأوسط عنه: "أيام التشريق كلها ذبح" ورجال أحمد وغيره ثقات. ا هـ. وقال (٣/ ٢٥٤): ورواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، إلَّا أنَّه قال: "وكل فجاج مكة منحر". ورجاله موثقون. ا هـ. والبيهقي (٥/ ٢٣٩). وابن حزم في المحلى (٧/ ١٨٨).