عن أيوب بن سويد، عن المسعودي، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ﴾، قال: من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يتبعه عوفي مما كان يبتلى به سائر الأمم من الخسف والمسخ والقذف.
يقول تعالى آمرًا رسوله ﷺ أن يقول للمشركين: ﴿إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾. أي: متبعون على ذلك، مستسلمون منقادون له ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أي: تركوا ما دعوتَهم إليه ﴿فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ أي: أعلمتكم [أني][١] حَرْب لكم، كما أنكم حرب لي، بريء منكم كما أنكم برآء مني، كقوله: ﴿[وَإِنْ][٢] كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾. وقال ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾. أي:[ليكن][٣] علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء، وهكذا ها هنا، ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾، أي:[أعلمتكم][٤] ببراءتي منكم، وبراءتكم مني، لعلمي بذلك.
وقوله: ﴿وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ﴾، أي: هو واقع لا محالة، ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده، ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ﴾، أي: إن الله يعلم الغيب جميعه، ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون، يعلم الظواهر والضمائر، ويعلم السر وأخفى، ويعلم ما العباد عاملون في أجهارهم وأسرارهم، وسيجزيهم على ذلك، على القليل والجليل.
وقوله: ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ أي: وما أدري لعل هذا فتنة لكم ومتاع إلى حين.
[١]- في ز: "أي". [٢]- في ز: "فإن". [٣]- في ز: "لكن". [٤]- في ز: "أعلمكم".