وقال مجاهد وقتادة والسدي (٥): أراد بالمولى العصبة، وقال أبو صالح (٦): الكلالة.
وروي عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان (٧)﵁ أنه كان يقرؤها. ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي﴾ بتشديد الفاء [١]، بمعنى: قلَّت عَصَباتي من بعدي.
وعلى القراءة الأولى وجه خوفه: أنه خشي أن يتصرفوا من [٢] بعده في الناس تصرفًا سيئًا، فسأل الله ولدًا يكون نبيًّا من بعده، ليسوسهم بنبوته وما يوحى إليه [٣]، فأجيب في ذلك، لا أنه خشي من وراثتهم له ماله، فإن النبي أعظم منزلة، وأجل قدرًا من أن يشفق على ماله إلى ما هذا حده: أن يأنف من وراثة عصباته له، ويسأل أن يكون له ولد فيحوز ميراثه دونهم، هذا وجه.
الثاني: أنه لم يذكر أنه كان ذا مال، بل كان نجّارًا، يأكل من كسب يديه [٤]، ومثل هذا لا يجمع مالًا، ولا سيما الأنبياء ﵈ فإنهم كانوا أزهد شيء في الدنيا.
الثالث: أنه قد ثبت في الصحيحين (٨) من غير وجه [٥]، أن رسول الله، ﷺ، قال:"لا نورث، ما تركنا فهو [٦] صدقة". وفي رواية عند الترمذي (٩) بإسناد صحيح: "نحن معشر الأنبياء- لا نورث". وعلى هذا فتعين حمل قوله: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي﴾ على ميراث النبوة، ولهذا قال: ﴿وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ كقوله: ﴿وَوَرِثَ سُلَيمَانُ دَاوُودَ﴾، أي: في النبوة، إذ لو كان في المال لما خصه من بين إخوته بذلك، ولما كان في الإخبار بذلك كبير فائدة، إذ من المعلوم المستقر في جميع
(٥) - أخرجه عنهم الطبري (١٦/ ٤٧). (٦) - أخرجه الطبري (١٦/ ٤٧). (٧) - أخرجه الطبري (١٦/ ٤٧). (٨) - أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس، باب: فرض الخمس حديث (٦/ ١٩٦، ١٩٧، ١٩٨) حديث (٣٠٩٤). ومسلم في كتاب: الجهاد والسير في باب: حكم الفيء، حديث (٤٩/ ١٥٧) كلاهما من حديث عمر ﵁. وهو متفق عليه أيضًا من حديث عائشة رواه البخاري (١١٢٨) ومسلم ٧٧ - (٧١٨). ومن حديث أبي بكر الصديق رواه البخاري (٣٧١١) ومسلم (١٧٥٩). (٩) - أخرجه الترمذي في كتاب السير، كتاب: ما جاء في تركة النبي ﷺ حديث (١٦١٠) من حديث أبي بكر بلفظ الصحيحين.