برسالتك إليهم: ﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾، فمن زعم أني كاذب فليأت بمثل ما جئت به، فإني لا أعلم الغيب فيما [١] أخبرتكم به من الماضي؛ عما سألتم من قصة أصحاب الكهف، وخبر ذي القرنين، مما هو مطابق [٢] في نفس [الأمر، لولا][٣] ما أطلعني الله عليه، وأنا أخبركم ﴿أَنَّمَا إِلَهُكُمْ﴾ الذي أدعوكم إلي عبادته ﴿إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ لا شريك له ﴿وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ﴾ أي: ثوابه وجزاءه الصالح ﴿رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾ وهو [٤]: ما كان موافقًا لشرع الله ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ وهو، الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان [٥] ركنا العمل المتقبل؛ لا بد أن يكون خالصًا لله، صوابًا علي شريعة رسول الله ﷺ.
وقد روى ابن أبي حاتم (١٤١) من حديث معمر، عن عبد الكريم الجزرى، عن طاوس، قال: قال رجل: يا رسول الله، إني أتف المواقف أريد وجه الله، وأحب أن يرى موطني. فلم يرد عليه رسول الله ﷺ شيئًا [٦]، حتى نزلت هذه الآية: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.
وهكذا أرسل هذا مجاهد وغير واحد.
وقال الأعمش (١٤٢): حدثنا حمزة أبو [٧] عمارة مولى بني هاشم، عن شهر بن حوشب قال: جاء رجل إلي عبادة بن الصامت فقال: أنبئني عما أسألك عنه: أرأيت رجلًا يصلي يبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد، ويصوم يبتغي [٨]، وجه الله، ويحب أن يحمد، ويتصدق يبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد، ويحج ويبتغي وجه الله، ويحب أن يحمد؟ فقال عبادة: ليس له شيء؛ إن الله تعالى يقول: أنا خير شريك [٩] فمن كان له معي شريك فهو له كله لا حاجة لي فيه.
(١٤١) وأخرجه الحاكم - (٤/ ٣٢٩ - ٣٣٠)، وابن جرير في تفسيره - (١٦/ ٤٠) من طريقين عن معمر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٤٥٨) إلى عبد الرزاق وابن أبي الدنيا في الإخلاص والطبراني. (١٤٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره - (١٦/ ٤٠) حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين قال: ثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش به. وشهر بن حوشب ضعيف.