للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رهم [١]، سمعت أنس بن مالك يقول في قول الله تعالى: ﴿وجعلنا بينهم موبقًا﴾، قال: واد في جهنم من قيح ودم.

وقال الحسن البصري: ﴿موبقًا﴾: عداوة.

والظاهر من السياق هاهنا: أنه المهلك، ويجوز أن يكون واديًا في جهنم أو غيره، إلا أن الله تعالى أخبر أنه لا سبيل لهؤلاء المشركين، ولا وصول لهم إلى آلهتهم التي كانوا يزعمون في الدنيا، وأنه، يفرق بينهم ولكنها في الآخرة، فلا خلاص لواحد من الفريقين إلى الآخر، كل بينهما مهلك، وهول عظيم وأمر كبير.

وأمّا إن جعل الضمير في قوله: ﴿بينهما﴾ عائدًا إلى المؤمنين والكافرين، كما قال عبد الله بن عمرو: إنه، يفرق بين أهل الهدى والضلالة به، فهو كقوله تعالى: ﴿ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون﴾ وقال: ﴿يومئذ يصدَّعُون﴾.

وقال تعالى: ﴿وامتازوا اليوم أيها المجرمون﴾ وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (٢٩) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)﴾.

وقوله: ﴿ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفًا﴾، أي: أنهم لما عاينوا جهنم حين جيء بها، تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون [٢] ألف ملك، فإذا رأى المجرمون النار تحققوا لا محالة أنهم مواقعوها، ليكون ذلك من باب تعجيل الهم والحزن لهم، فإن توقع العذاب والخوف منه قبل وقوعه عذاب ناجز.

وقوله [٣]: ﴿ولم يجدوا عنها مصرفًا﴾ أي: وليس لهم طريق يعدل بهم عنها، ولا بد لهم منها.

قال ابن جرير (٧٦): حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله أنه قال: "إن [الكافر يرى] [٤] جهنم، فيظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة".


(٧٦) إسناده ضعيف، ابن جرير في تفسيره - (١٥/ ٢٦٥) ورواية دراج أبي السمح عن أبي الهيثم ضعفها أبو داود وغيره، وانظر ما بعده.