بأن هذا الذي فعلوه بأنفسهم [من كفرهم بالله. وشركهم به][١] ما ضر ذلك شيئًا من الجبال ولا غيرها، وإنما عاد وبال ذلك عليهم.
قلت: ويشبه هذا إذا [٢][قوله][٣] تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَال طُولًا﴾.
والقول الثاني في تفسيرها ما رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾ يقول: شركهم، كقوله. ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾، وهكذا قال الضحاك وقتادة.
يقول تعالى مقررًا لوعده ومؤكدًا: ﴿فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ أي: عن نصرتهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
ثم أخبر تعالى [٤] أنه ذو عزة لا يمتنع عليه شيء أراده ولا يغالب [٥]، وذو انتقام ممن كفر به وجحده ﴿فَوَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾، ولهذا قال: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾ أي: وعده هذا حاصل يوم تبدل الأرض [غير الأرض][٦]، وهي هذه على غير الصفة المألوفة المعروفة، كما جاء في الصحيحين (٦٤) من حديث أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله،ﷺ:"يحشر الناسُ يوم القيامة على أرض بيضاءَ عفراءَ كَقُرْصَةِ النقيِّ، ليس فيها معلم لأحدٍ".
وقال الإمام أحمد (٦٥): حدثنا محمَّد بن أبي عدي، عن داود، عن الشعبي، عن
(٦٤) - أخرجه البخاري، كتاب: الرقاق، باب: يقبض الله الأرض يوم القيامة (٦٥٢١)، ومسلم، كتاب: صفات المنافقين وأحكامهم، باب: في البعث والنشور، وصفة الأرض يوم القيامة (٢٨) (٢٧٩٠). (٦٥) - صحيح، الحديث في "المسند" (٢٤١٧٨) (٦/ ٣٥)، وأخرجه مسلم، كتاب: صفات =