وقال ابن أبي نجيح (٦): عن مجاهد ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ إلى أهل العهد خزاعة ومدلج ومن كان له عهد أو غيرهم، أقبل [١] رسول الله ﷺ من تبوك حين فرغ، فأراد رسول الله ﷺ الحج ثم قال:"إنما يحضر المشركون فيطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتَّى لا يكون ذلك". فأرسل أبا بكر وعليًّا ﵄ فطافا بالناس في ذي المجاز وبأمكنتهم التي كانوا يتبايعون بها وبالمواسم كلها فآذنوا أصحاب العهد بأن يؤمنوا أربعة أشهر: فهي الأشهر المتواليات عشرون من ذي الحجة إلى عشر يخلون من ربيع الآخر ثم لا عهد لهم وآذن الناس كلهم بالقتال إلا أن يؤمنوا.
وهكذا روي عن السدي وقَتَادة.
قال [٢] الزُّهْريّ: كان ابتداء التأجيل من شوال وآخره سلخ المحرم.
وهذا القول غريب، وكيف يحاسبون بمدة لم يبلغهم حكمها! وإنما ظهر لهم أمري يوم النحر حين نادى أصحاب رسول الله ﷺ بذلك، ولهذا قال تعالى:
يقول تعالى: وإعلام ﴿مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ وتقدم، وإنذار إلى الناس ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ وهو [يوم النحر][٣] الذي هو أفضل أيام المناسك، وأطهرها [٤] وأكثرها جمعًا ﴿أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ﴾ أي: بريء منهم أيضًا، ثم دعاهم إلى التوبة إليه فقال ﴿فَإِنْ تُبْتُمْ﴾ أي: مما أنتم فيه من الشرك والضلال ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ أي: استمررتم على ما أنثم عليه ﴿فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ﴾ بل هو قادر عليكم وأنتم في قبضته وتحت قهره ومشيئته ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ أي: في الدنيا بالخزي والنكال، وفي الآخرة بالمقامع والأغلال.
قال البخاري (٧)﵀: حدَّثنا عبد الله بن يوسف [٥]، حدَّثنا اللَّيث، حدثني
(٦) - تفسير الطَّبري (١٤/ ١٠٠) رقم ١٦٣٦٤. (٧) - صحيح البخاري، تفسير سورة براءة، برقم (٤٦٥٥).