(والثالثة): في النفل من الخمس نفسه، وهو أن تحاز الغنيمة كلها، ثم تخمس، فإذا صار الخمس في يدي الإِمام نفل منه على قدر ما ورى.
(والرابعة): في النفل في جملة الغنيمة قبل أن يخمس منها شئ، وهو أن يعطي الأدلاء ورعاة الماشية والسُّوَّاق لها، وفي كل ذلك اختلاف.
قال الربيع: قال الشافعي: الأنفال أن لا يخرج [٢] من رأس الغنيمة قبل الخمس شيء غير السلب.
قال أبو عبيد: والوجه الثاني من النفل: هو شيء زيدوه غير الذي كان لهم، وذلك من خمس النبي، ﷺ، فإن له خمس الخمس من كل غنيمة، فينبغي للإِمام أن يجتهد، فإذا كثر العدو، واشتدّت شوكتهم، وقل من بإزائه من المسلمين، نفل منه اتباعًا لسنة رسول الله، ﷺ، وإذا لم يكن ذلك لم ينفل.
(والوجه الثالث) من النفل: إذا بعث الإِمام سرية أو جيشًا، فقال لهم قبل اللقاء: من غنم شيئًا [فهو له][٣] بعد الخمس، فذلك لهم على ما شرط الإِمام؛ لأنهم على ذلك غزوا، وبه رضوا. انتهى كلامه.
وفيما تقدّم من كلامه، وهو قوله: إن غنائم بدر لم تخمس - نظر، ويرد عليه حديث على بن أبي طالب في شارفيه الذين حصلا له من الخمس يوم بدر، وقد بينت ذلك في كتاب السيرة بيانًا شافيًا (٢٥). ولله الحمد والمنة [٤].
وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ أي: اتقوا الله في أموركم، وأصلحوا فيما بينكم، ولا تظالموا، ولا تخاصموا، ولا تشاجروا، فما آتاكم الله من الهدى والعلم خير مما تختصمون بسببه. ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ أي: في قسمه بينكم على ما أراده [٥] الله، فإنه إنما [٦] قسمه كما أمره الله من العدل والإِنصاف.
وقال ابن عباس (٢٦): هذا تحريج من الله [على المؤمنين][٧] أن يتقوا ويصلحوا ذات
(٢٥) - السيرة لابن كثير (٢/ ٤٦٦). (٢٦) - رواه ابن جرير (١٣/ ١٥٦٨١).