قال محمد بن إسحاق (٩٥٥): عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس قال: قال سُكين وعدي بن زيد: يا محمد؛ ما نعلم [][١][أنزل الله][٢] على بشر من شيء بعد موسى، فأنزل الله في ذلك من قولهما، ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ إلى آخر الآيات.
وقال ابن جرير (٩٥٦): حدَّثنا الحارث، حدَّثنا عبد العزيز، حدَّثنا أَبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي؛ قال: أنزل الله: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ﴾ إلى قوله: ﴿وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا﴾ قال [٣]: فلما تلاها عليهم - يعنى: على اليهود - وأخبرهم بأعمالهم الخبيثة جحدوا كل ما أنزل الله وقالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء ولا موسى ولا عيسى ولا على نبي من شيء، فال: فحل حبوته [٤] وقال [٥]: ولا على أحد، فأنزل الله عَزَّ رجل: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾.
وفي هذا الذي قاله محمد بن كعب القرظي نظر، فإن هذه الآية التي [٦] في سورة الأنعام مكية [٧]، وهذه الآية التي [٨] في سورة النساء مدنية، رهي رد عليهم لما سألوا النبي، صلى الله عليه ومسلم، أن ينزل عليهم كتابًا من السماء، قال الله تعالى: ﴿فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ﴾ ثم ذكر فضائحهم ومعايبهم وما كانوا عليه وما هم عليه الآن من الكذب والافتراء.
ثم ذكر تعالى أنَّه أوحى إلى عبده ورسوله محمد، ﷺ، كما أوحى إلى غيره من الأنبياء المتقدِّمين فقال: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ إلى قوله: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾. والزبور: اسم للكتاب الذي أوحاه الله إلى داود ﵇،
(٩٥٥) - سيرة ابن هشام (٢/ ٥٩٦) ومن طريق ابن إسحاق رواه ابن جرير فى تفسيره (٩/ ٤٠٠) (١٠٨٤٠)، وابن أبي حاتم (٤/ ١١١٨) (٦٢٧٨)، والبيهقى فى دلائل النبوة (٢/ ٥٣٥) وذكره السيوطى فى الدر المنثور (٢/ ٤٣٥) وزاد نسبته لابن المنذر. (٩٥٦) - تفسير ابن جرير (٩/ ٤٠١) (١٠٨٤١).