يقول تعالى آمرًا أهل الكتاب بالإِيمان بما [أنزل الله][١] على عبده ورسوله محمد ﷺ من الكتاب العظيم، الذي فيه تصديق الأخبار التي بأيديهم من البشارات، ومتهددًا لهم إن لم [٢] يفعلوا بقوله: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا﴾ قال بعضهم: معناه من قبل أن نطمس وجوهًا، فطمسها [٣] هو ردّها إلى [٤] الأدبار، وجعل أبصارهم من ورائهم. ويحتمل أن يكون المراد من قبل أن نطمس وجوهًا، فلا [يبقى لها سمع ولا بصر ولا أثر][٥]، [ومع ذلك نردها][٦] إلى ناحية الأدبار.
وقال العوفي عن ابن عباس ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا﴾ وطمسها: أن تعمى ﴿فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا﴾ يقول: نجعل وجوههم من قبل أقفيتهم، فيمشون القهقرى، ونجعل لأحدهم عينين من قفاه.
وكذا قال قتادة وعطية العوفي، وهذا أبلغ في العقوبة والنكال، وهذا [٧] مثل ضربه الله لهم في صرفهم عن الحق وردهم إلى الباطل ورجوعهم عن المحجة البيضاء إلى سبل الضلالة، يهرعون ويمشون القهقرى على أدبارهم، وهذا كما قال بعضهم في قوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾: إن هذا مثل سوء [٨] ضربه الله لهم في ضلالهم ومنعهم عن الهدى.
[١]- ما بين المعكوفتين في ز: "نزل". [٢]- سقط من: ز. [٣]- في ز: "وطمسها". [٤]- سقط من: ز. [٥]- ما بين المعكوفتين فى ت: "نبقى لهم سمعا ولا بصرا ولا أنفا". [٦]- ما بين المعكوفتين في ز: "ونردها مع ذلك". [٧]- في ز: "وهو". [٨]- سقط من: ز.