(طريق [١] أخرى) قال أحمد (٥٠١): حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد، حدثنا سليمان الأعمش، حدثنا شقيق قال: كنت قاعدًا مع عبد اللَّه وأبي موسى، [فقال أبو موسى][٢] لعبد اللَّه: لو أن رجلًا لم يجد الماء لم يصلِّ؟ فقال عبد اللَّه: لا؛ فقال أبو موسى: ألا [٣] تذكر ما [٤] قال عمار لعمر: ألا تذكر إذ بعثني رسول اللَّه ﷺ وإياك في إبل فأصابتني جنابة فتمرّغت في التراب، فلما رجعت إلى رسول اللَّه ﷺ أخبرته، فضحك [رسول اللَّه ﷺ][٥] وقال: "إنما كان يكفيك أن تقول هكذا، وضرب بكفيه [٦] إلى الأرض، ثم مسح كفيه جميعًا، ومسح وجهه مسحة واحدة بضربة واحدة". فقال عبد اللَّه: لا جرم ما رأيت عمر قنع بذلك [٧]. قال [٨]: فقال له أبو موسى: فكيف بهذه الآية في سورة النساء ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ قال: فما درى عبد اللَّه ما يقول، وقال: لو رخصنا لهم في التيمم؛ لأوشك [٩] أحدهم إذا برد الماء على جلده أن يتيمم، وقال تعالى في آية المائدة: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [١٠] استدل بذلك الشافعي ﵀ على أنه لابد في التيمم أن يكون بتراب طاهر له غبار يعلق بالوجه واليدين منه شيء، كما رواه الشافعي (٥٠٢) بإسناده المتقدّم عن ابن الصمة، أنه مر بالنبي ﷺ وهو يبول، فسلم عليه فلم يردّ عليه، حتى قام إلى جدار، فحته بعصًا كانت معه، فضرب بيده عليه، [فمسح بها][١١] وجهه وذراعيه.
وقوله: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ أي: في الدين الذي شرعه لكم ﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَةِرَكُمْ﴾ فلهذا أباح لكم إن [١٢] لم تجدوا [١٣] الماء أن تعدلوا [١٤] إلى التيمم بالصعيد،
(٥٠١) -" المسند" (٤/ ٢٦٥) وأخرجه أيضًا (٤/ ٢٦٤، ٣٩٦)، والبخارى، كتاب التيمم (٣٤٥، ٣٤٦، ٣٤٧)، ومسلم (١١٠، ١١١) (٣٦٨)، وأبو داود (٣٢١)، والنسائى (٧/ ١٠١) من طرق عن الأعمش به ومُناظر أبى موسى هو عبد اللَّه بن مسعود. (٥٠٢) - تقدم تخريجه (رقم ٥٠٠).