يقول تعالى آمرًا خلقه بتقواه، وهي عبادته وحده لا شريك له، ومنبهًا لهم على قدرته التي خلقهم بها من نفس واحدة، وهي آدم ﵇: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ وهي حوّاء ﵍، خلقت من ضلعه الأيسر [١]، من خلفه وهو نائم، فاستيقظ فرآها، فأعجبته، فأنس إليها، وأنست إليه.
قال ابن أبي حاتم (٦): ثنا أبي، حَدَّثَنَا محمد بن مقاتل، حَدَّثَنَا وكيع، عن أبي هلال، عن قتادة، عن ابن عباس، قال: خلقت المرأة من الرجل، فجعلت نهمتها في الرجل، وخلق الرجل من الأرض، فجعلت نهمته في الأرض، فاحبسوا نساءكم.
وفي الحديث الصحيح (٧): " إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج".
وقوله: ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ أي: وذرأ منهما، أي: من آدم وحوّاء رجالًا كثيرًا ونساء، ونشرهم في أقطار العالم، على اختلاف أصنافهم وصفاتهم وألوانهم ولغاتهم، ثم إليه بعد ذلك المعاد [٢] والمحشر.
ثم قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ أي: واتقوا الله بطاعتكم إياه.
قال إبراهيم ومجاهد والحسن: ﴿الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ﴾ أي: كما يقال: أسألك بالله وبالرحم.
(٦) تفسير ابن أبي حاتم (٣/ ٨٥٢) (٤٧١٨)، وفيه: مقاتل بن محمد، وهو تحريف. (٧) أخرجه البخاري (٣٣٣١) في أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته وأطرافه (٥١٨٤) و (٥١٨٦)، ومسلم (١٤٨٦) كتاب الرضاع، والترمذي (١١٨٨) في كتاب الطلاق، باب باب ما جاء في مداراة النساء.- من طرق عن أبي هريرة ﵁ به.