ابن عمر بن سعد، قال: قال عمر بن الخطاب ﵁: لما أنزلت [١] ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ﴾ قلت: الآن يارب حين زينتها لنا، فنزلت: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ الآية.
ولهذا قال تعالى: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾ أي: قل يا محمد للناس: أأخبركم بخير مما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من زهرتها ونعيمها الذي هو زائل لا محالة، ثم أخبر عن ذلك فقال: ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ أي: تنخرق بين جوانبها وأرجائها الأنهار، من أنواع الأشربة من العسل واللبن والخمر والماء وغير ذلك، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ أي: ماكثين فيها أبد الآباد لا يبغون عنها حولًا، ﴿وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ أي: من الدنس والخبث والأذى والحيض والنفاس وغير ذلك، مما يعتري نساء الدنيا.
﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ﴾ أي: يحل عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم بعده أبدًا. ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى التي في براءة: ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ﴾ أي: أعظم مما أعطاهم من النعيم المقيم. ثم قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ أي: يعطي كلا بحسب ما يستحقه من العطاء.
يصف [تبارك و][٢] تعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل، فقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا﴾ أي: بك بكتابك وبرسلك [٣] ﴿فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا﴾ أي: بإيماننا بك وبما شرعته لنا [فاغفر لنا ذنوبنا وتقصيرنا من أمرنا، بفضلك ورحمتك][٤] ﴿وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
ثم قال تعالى: ﴿الصَّابِرِينَ﴾ أي: في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرَّمات ﴿وَالصَّادِقِينَ﴾ فيما أخبروا به من إِيمانهم بما يلتزمونه من الأعمال الشاقة ﴿وَالْقَانِتِينَ﴾ والقنوت: الطاعة والخضوع، ﴿وَالْمُنْفِقِينَ﴾ أي: من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات، وصلة الأرحام والقرابات، وسد الخلات، ومواساة ذوي الحاجات ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ دل على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار.
[١]- في ت: "نزلت". [٢]- ما بين المعكوفتين سقط سقط من: خ. [٣]- في ز: "برسولك". [٤]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ.