يقول تعالى: قل يا محمد للكافرين: ستغلبون [أي: في الدنيا][٢]، وتحشرون؛ أي: يوم القيامة إلى جهنم وبئس المهاد.
وقد ذكر محمد بن إسحاق بن [٣] يسار، عن عاصم بن عمر بن قَتَادة أن رسول الله ﷺ، لما أصاب من أهل بدر ما أصاب، ورجع إلى المدينة، جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال:"يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله كما [٤] أصاب قريشًا" فقالوا: يا محمد! لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرًا من قريش كانوا أغمارًا لا يعرفون القتال، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله في [][٥] ذلك من قولهم: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ إلى قوله ﴿لَعِبْرَةً [٦] لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ (٣٧).
وقد رواه محمد [٧] بن إسحاق أيضًا، عن محمد بن أبي محمد، عن سعيد، أو [٨] عكرمة، عن ابن عبَّاس فذكره (٣٨)؛ ولهذا قال تعالى: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ﴾ أي: قد كان لكم أيها اليهود القائلون ما قلتم آية، أي: دلالة علن أن الله مُعِزُّ دينه، وناصر رسوله، ومظهر كلمته، ومُعْلٍ أمره ﴿فِي فِئَتَينِ﴾، أي: طائفتين، التقتا؛ أي: للقتال
(٣٧) - ابن هشام في "السيرة" (٢/ ٥٦١)، وعاصم بن عمر بن قَتَادة تابعي، فالحديث مرسل. (٣٨) - أخرجه أَبو داود في سننه، كتاب: الخراج والإمارة والفيء، باب: كيف كان إخراج اليهود من المدينة، حديث (٣٠٠١)، وابن هشام في "السيرة" (٢/ ٥٦١)، والبيهقي في "دلائل النبوة": (٣/ ١٧٣)، وفيه محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت وهو مجهول.