العماد، أى: أصحاب أعلام هذه المدينة، والأرم: العلم وجمعه آرام. قال لبيد (١):
مثّلا آرامها (٢) …
أى: أعلامها.
وقوله تعالى:{إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ} تفسير لقوله: فعل بعاد، فكأن قائلا قال: ما صنع بها؟ فقال:«أرمّ ذات العماد»، أى: مدينتهم، وهذا يدل على هلاكهم.
وأما «بعاد أرم ذات العماد» فعلى أنه أراد: أهل أرم، هذه المدينة، فحذف المضاف وهو يريده، كما مضى من قوله:{بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ}(٣)، أى: زينة الكواكب.
***
{فَادْخُلِي فِي عِبادِي}(٢٩)
ومن ذلك قراءة ابن عباس وعكرمة والضحاك وأبى شيخ الهنائىّ والكلبى وابن السّميفع:«فادخلى فى عبدى»، على واحد (٤).
قال أبو الفتح: هذا لفظ الواحد، ومعنى الجماعة، أى: عبادى، كالقراءة العامة. وقد تقدم القول على نظيره، وأنه إنما خرج بلفظ الواحد ليس اتساعا واختصارا عاريا من المعنى؛ وذلك أنه جعل عباده كالواحد، أى: لا خلاف بينهم فى عبوديته، كما لا يخالف الإنسان نفسه، فيصير كقول النبى صلّى الله عليه وسلّم:«وهم يد على من سواهم»(٥)، أى:
(١) من معلقته والبيت بتمامه فى رواية: زجلا كأن نعاج توضح نوقها وظباء وجرة عطّفا آرامها انظر: (ديوانه ١٦٦). (٢) والآرام: الظباء البيض الخوالص البياض، والمفرد: رئم. (٣) سورة الصافات الآية (٦). (٤) وهى قراءة أبى بن كعب. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٧٤، البحر المحيط ٤٧٢/ ٨، الكشاف الفراء ٢٦٣/ ٣، القرطبى ٨٥/ ٢٠ التبيان ٣٤٨/ ١٠، النحاس ٧٠١/ ٣،٧٠٢، مجمع البيان ٤٨١/ ١٠). (٥) حديث: «وهم يد على من سواهم»: أخرجه مسلم فى صحيحه (٤٧٣٤) من طريق: محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد قال: انطلقت أنا والأشتر إلى على رضى الله عنه، فقلنا: هل عهد إليك نبى الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا لم يعهده إلى الناس عامة قال: لا إلا ما كان فى كتابى هذا فأخرج كتابا من قراب سيفه فإذا فيه: المؤمنون تكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن-