قال أبو الفتح: «أن معلقة بفعل محذوف دل عليه قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلّى،} تقديره: أأن جاءه الأعمى أعرض عنه، وتولى بوجهه؟ فالوقف إذا على قوله:{وَتَوَلّى،} ثم استأنف لفظ الاستفهام منكرا للحال، فكأنه قال: ألأن جاءه الأعمى كان ذلك منه؟.
وأما {أَنْ} على القراءة العامة فمنصوبة ب {تَوَلّى؛} لأنه الفعل الأقرب منه، فكأنه قال: تولى لمجئ الأعمى ومن أعمل الأول نصب {أَنْ} ب {عَبَسَ،} فكأنه قال: عبس أن جاءه الأعمى، وتولّى لذلك، فحذف مفعول {تَوَلّى} كما تقول: ضربت فأوجعته زيدا، إذا أعملت الأول، وإن شئت لم تأت بمفعول أوجعت، فقلت: ضربت فأوجعت زيدا، أى وأنت تريد أوجعته، إلا أنك حذفته تخفيفا، وللعلم به، والوجه إعمال الثانى؛ لقربه. فأما أن تنصبه بمجموع الفعلين فلا، وهذا واضح.
***
{فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى}(٦)
ومن ذلك قراءة أبى جعفر:«فأنت له تصدّى»، بضم التاء، وتخفيف الصاد (٢).
قال أبو الفتح: معنى «تصدّى»، أى: يدعوك داع من زينة الدنيا وشارتها إلى التصدّى له، والإقبال عليه.
(١) وقراءة عيسى، وزيد بن على، وأبى عمران الجونى. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٦٩، الإتحاف ٤٣٣، مجمع البيان ٤٣٦/ ١٠، البحر المحيط ٤٢٧/ ٨). (٢) وقراءة أبى جعفر الباقر. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٦٩، البحر المحيط ٤٢٧/ ٨، الرازى ٥٦/ ٣١، مجمع البيان ٤٣٦/ ١٠، الكشاف ٢١٨/ ٤).