أحدهما: أن يكون بدلا من قوله: «تمنن»، حتى كأنه قال: لا تستكثر، فإن قال: فعبرة البدل أن يصلح لإقامة الثانى مقام الأول، نحو ضربت أخاك زيدا، فكأنك قلت: ضربت زيدا. وأنت لو قلت: لا تستكثر لم يدللك النهى عن المنّ للاستكثار، وإنما كان يكون فيه النهى عن الاستكثار مرسلا، وليس هذا هو المعنى، وإنما المعنى: لا تمنن منّ مستكثر، أى: امنن منّ من لا يريد عوضا، ولا يطلب الكثير عن القليل.
قيل: قد يكون البدل على حذف الأول، وكذلك أيضا قد يكون على نية إثباته. وذلك كقولك: زيد مررت به أبى محمد، فتبدل أبا محمد من الهاء. ولو قلت: زيد مررت بأبى محمد، على حذف الهاء كان قبيحا. فقوله تعالى:{وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ،}