{بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ}(٣)
هارون عن طليق المعلّم قال: سمعت أشياخنا يقرءون: «ليأتينّكم»(١)، بالياء.
قال أبو الفتح: جاز التذكير هنا بعد قوله تعالى: {لا تَأْتِينَا السّاعَةُ؛} لأن المخوف منها إنما هو عقابها، والمأمول ثوابها؛ فغلّب معنى التذكير الذى هو مرجوّ أو مخوف، فذكّر على ذلك، وإذا جاز تأنيث المذكر على ضرب من التأول كان تذكير المؤنث- لغلبة التذكير-أحرى وأجدر. ألا ترى إلى قول الله سبحانه: تلتقطه {بَعْضُ السَّيّارَةِ}(٢)؛ لأن بعضها سيّارة أيضا؟ وعليه قولهم: ذهبت بعض أصابعه؛ لأن بعضها إصبع فى المعنى.
وحكى الأصمعى عن أبى عمرو، قال: سمعت رجلا من اليمن يقول: فلان لغوب، جاءته كتابى فاحتقرها. فقلت له: أتقول: جاءته كتابى؟ فقال: نعم، أليس بصحيفة؟ وهذا من أعرابىّ جاف هو الذى نبّه أصحابنا على انتزاع العلل. وكذلك ما يجرى مجراه فاعرفه، وكذلك الآية المقدم ذكرها.