قال أبو الفتح: قد ذكرنا ذلك مشروحا فيما مضى بشواهده.
***
{فِيها لُغُوبٌ}(٣٥)
ومن ذلك قراءة علىّ عليه السلام:«فيها لغوب»(٢)، بفتح اللام. وهى قراءة السّلمى.
قال أبو الفتح: لك فيه وجهان:
إن شئت حملته على ما جاء من المصادر على الفعول، نحو: الوضوء، والولوغ، والوقود.
وإن شئت حملته على أنه صفة لمصدر. محذوف، أى: لا يمسنا فيها لغوب لغوب، على قولهم: هذا شعر شاعر، وموت مائت، كأنه يصف «اللّغوب» بأنه قد لغب، أى أعيا وتعب، وهذا ضرب من المبالغة، كقول الآخر (٣):
إذا ناقة شدّت برحل ونمرق (٤) … إلى حكم بعدى فضلّ ضلالها (٥)
وعليه قالوا: جنّ جنونه، وخرجت خوارجه.
ومن طريف ما مرّ بنا لمولدين فى هذا قول شاعرنا (٦):
وجبت هجيرا يترك الماء صاديا (٧) …
(١) انظر: (القرطبى ٣٤٢/ ١٤، الكشاف ٣٠٧/ ٣، البحر المحيط ٣١٢/ ٧، الآلوسى ١٩٠/ ٢٢). (٢) وقراءة سعيد بن جبير. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٢٤، الفراء ٣٧٠/ ٢، الكشاف ٣١٠/ ٣، البحر المحيط ٣١٥/ ٧، النحاس ٦٩٩/ ٢، الرازى ٢٨/ ٤٦). (٣) أوس بن حجر، يقوله فى الحكم بن مروان بن زنباغ العبسى وكان مدحه فلم يتبعه. انظر: (ديوانه ١٠٠، اللآلى ٩١٨). (٤) النمرق: كساء يوضع على الناقة. (٥) فى ديوان المعانى: إذا ناقة شعرت برحل ونمرق إلى حكم بعدى فضل ضلالها وفى العمدة: «إلى حكيم بعدى فضل ضلالها». (٦) يقصد: المتنبى. (٧) صدره: «لقيت المرورى والشناخيب دونه».