ويدلك على صحة هذا المعنى قراءة الحسن:«جاعل الملائكة» بالرفع (١)؛ فهذا على قولك: هو جاعل الملائكة، ويشهد به أيضا قراءة خليد بن نشيط:«جعل الملائكة»(٢).
قال أبو عبيدة: إذا طال الكلام خرجوا من الرفع إلى النصب، ومن النصب إلى الرفع. يريد ما نحن عليه؛ لتختلف ضروبه، وتتباين تراكيبه.
***
{سائِغٌ شَرابُهُ}(١٢)
ومن ذلك قراءة عيسى الثقفى:«سيغ شرابه»(٣).
قال أبو الفتح: هو محذوف من سيّغ: فيعل، بمنزلة ميت من ميّت، وهين من هيّن. وعينه واو، وأصله سيوغ، كميوت فى الأصل. يدل على كون عينه واوا قولهم: هذا أسوغ من هذا، وقولهم: هى أخته سوغة، وسوغته، أى: يسوغ لها وتسوغ له، أى: يقبلها طبعه، ويقبله طبعها.
فأما قول الله تعالى:{يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ}(٤)، فلا دلالة فيه على كون العين واوا؛ وذلك لأنه فى الأصل يسوغه، كما أن أصل يقيم يقوم، ويستعين يستعون، وهذا واضح. وحكاه أبو حاتم عن عيسى:«سيّغ»، وقال فيه: بغير ألف مشددة الياء، وهذا واضح.
***
{وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ}(١٢)
ومن ذلك قراءة طلحة بن مصرّف:«وهذا ملح أجاج»(٥).
&
(١) انظر: (الكشاف ٢٩٧/ ٣، القرطبى ٣١٩/ ١٤، البحر المحيط ٢٩٧/ ٧). (٢) وقراءة ابن يعمر، والضحاك، والزهرى. انظر: (القرطبى ٣١٩/ ١٤، البحر المحيط ٢٩٧/ ٧، الآلوسى ١٦٢/ ٢٢). (٣) انظر: (الكشاف ٣٠٤/ ٣، مجمع البيان ٤٠٣/ ٨، العكبرى ١٠٧/ ٢، البحر المحيط ٣٠٥/ ٧). (٤) سورة إبراهيم الآية (١٧). (٥) وقراءة أبى نهيك. انظر: (القرطبى ٣٠٥/ ٧، النحاس ٦٩١/ ٢، البحر المحيط ٣٠٥/ ٧، الآلوسى ١٧٩/ ٢٢).