ومن ذلك قراءة علىّ بن أبى طالب كرم الله وجهه:«فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين»(١)، برفع الياء فيهما، وكسر اللام.
وقرأ الزهرى:{فَلَيَعْلَمَنَّ} مثل قراءة الناس، وقرأ:«وليعلمنّ الكاذبين»(٢) كقراءة علىّ.
وقرأ جعفر بن محمد ومحمد بن عبد الله بن حسن، كقراءة علىّ عليه السلام.
وقرأ الزهرى:«وليعلمنّ الله الذين آمنوا» كقراءة الناس أيضا، «وليعلمنّ المنافقين.»
قال أبو الفتح: أما «فليعلمنّ»، بفتح الياء واللام فإنها على إقامة السبب مقام المسبب، والغرض فيه: فليكافئن الله الذين آمنوا؛ وذلك أن المكافأة على الشئ إنما هى مسببة عن علم، ولو لم يعلم لما صحت المكافأة. ومثله من إقامة السبب مقام المسبب قول الله سبحانه:{كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ}(٣)، فهذا سبب قضاء الحاجة المكنّى بذكره عنها. وقد أفردنا لهذا الفصل من إقامة كل واحد من السبب والمسبب مقام صاحبه بابا فى كتاب الخصائص (٤).
وأما قوله:«وليعلمن» ف معناه: وليعرّفنّ الناس من هم؟ فحذفت المفعول الأول، كما قال الله تعالى:«يوم يدعى كل أناس بإمامهم»(٥)، وكقوله:{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ}(٦). جاء فى التفسير أنها زرقة العيون، وسواد الوجوه. ويشهد لهذا قوله تعالى:{وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً}(٧)، وقيل فى زرقا: أى: عطاشا، ومنه: سنان أزرق، أى: ظمآن إلى الدم.
&
(١) وقراءة جعفر بن محمد، ومحمد بن عبد الله بن الحسن، والزهرى. انظر: (الكشاف ١٩٦/ ٣، مجمع البيان ٢٧١/ ٨، البحر المحيط ١٤٠/ ٧، الآلوسى ٣٥/ ٢٠). (٢) وقراءة على بن أبى طالب، وجعفر بن محمد، ومحمد بن عبد الله بن الحسن. انظر: (الكشاف ١٦٩/ ٣، مجمع البيان ٢٧١/ ٨، البحر المحيط ١٤٠/ ٧). (٣) سورة المائدة الآية (٧٥). (٤) انظر: (الخصائص ١٧٥/ ٣:١٧٩). (٥) سورة الإسراء الآية (٧١). وهى قراءة الحسن. (٦) سورة الرحمن الآية (٤١). (٧) سورة طه الآية (١٠٢).