مالكٌ (١)، عن عبدِ اللَّه بن أبي بكرٍ، عن أبيه، عن عَمْرةَ بنتِ عبدِ الرَّحمنِ، عن عائشةَ، أنَّها قالت: يا رسُولَ اللَّه، إنَّ صفيّةَ بنتَ حُييٍّ قد حاضَتْ، فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لعلَّها تحبِسُنا، ألم تكُن طافَتْ مَعكُنَّ بالبيتِ؟ " قُلن: بَلَى، قال:"فاخرُجْنَ".
هذا حديثٌ صحيحٌ لم يُختَلف في إسنادِهِ، ولا في مَعناهُ (٢). ورُوي عن عائشةَ من وُجُوهٍ كثيرةٍ صِحاح.
وفيه من الفِقهِ: أنَّ الحائضَ لا تَطُوفُ بالبيتِ.
وهُو أمرٌ مُجتَمعٌ عليه، لا أعْلَمُ خِلافًا فيه، إلّا أنَّ طائفةً، منهُم أبو حنيفةَ، قالوا: لا يَنْبغي أن يَطُوفَ أحَدٌ إلّا طاهِرًا، فإن طافَ غيرُ طاهِرٍ من جُنُبٍ، أو حائضٍ، فيُجزئهِ، وعليه دمٌ (٣).
وقال مالكٌ (٤) والشّافِعيُّ (٥)، وأكثرُ أهلِ العِلم: لا يُجزئه، وعليه أن يعُودَ إليه طاهِرًا، ولو من بلدِهِ، إن كان طَوافًا واجِبًا.
وقد بيَّنّا الحُجّةَ في ذلك، في بابِ ابنِ شِهاب، عن عُروةَ.
(١) الموطأ ١/ ٥٥٠ - ٥٥١ (١٢٣٢). (٢) رواه عن مالك: أبو مصعب الزهري (١٤٣٤)، وسويد بن سعيد (٥١٥)، وعبد اللَّه بن يوسف التنيسي عند البخاري (٣٢٨) والبيهقي ٥/ ١٦٣، وعبد الرحمن بن القاسم عند النسائي في المجتبى ١/ ١٩٤ وعبد الرحمن بن مهدي عند أحمد ٤٢/ ٢٧٦ (٢٥٤٤٢)، ومحمد بن الحسن الشيباني (٤٦٨)، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (١٢١١) (٣٨٥) والبيهقي ٥/ ٦٣. (٣) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ٢/ ٣٩٣، والإشراف لابن المنذر ٣/ ٣٦٤. (٤) انظر: المدونة ١/ ٤٢٧. (٥) انظر: الأم ٢/ ١٩٥.