مالك (١)، عن ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن، عن يزيدَ مولى المُنبَعِثِ، عن زيدِ بن خالدٍ الجُهَنيِّ، أنَّه قال: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فسَألَهُ عن اللُّقَطَة، فقال:"اعرِفْ عِفاصَهَا ووِكاءَهَا، ثم عَرِّفْها سنةً، فإن جاءَ صاحبُها، وإلا فشأنَكَ بها". قال: فضالَّةُ الغنَمِ يا رسول الله؟ قال:"لك، أو لأخيك، أو للذئب". قال: فضالَّةُ الابل؟ قال:"ما لك ولها؟ معها سِقاؤُها وحِذاؤُها (٢)، تَرِدُ الماءَ، وتَأكلُ الشَّجَرَ، حتى يَلقَاها ربُّها".
والعِفاصُ هاهنا: الخِرقَةُ المربوطُ فيها الشيءُ المُلتَقَطُ. وأصلُ العِفاصِ: ما سُدَّ به فمُ القارُورةِ، وكلُّ ما سُدَّ به فمُ الآنيةِ فهو عِفاصٌ. يُقالُ منه: عَفَصْتُ القارورةَ وأعفَصتُها. وقال أبو عُبيدٍ (٣): هو جِلدٌ تُلْبَسُه رأسُ القارورةِ، والوِكاءُ الخيطُ الذي يُشَدُّ به، يقالُ منه: أوْكَيتُها إيكاءً. وأمَّا الصِّمَامُ: فهو ما يُدخَلُ في فَمِ القارُورَةِ، فيكونُ سِدادًا لها.
قال أبو عمر: في هذا الحديثِ معانٍ اجتمَع العلماءُ على القولِ بها، ومعانٍ اختَلَفوا فيها؛ فممَّا اجتمَعوا عليه: أنَّ عِفاصَ اللُّقَطَةِ ووِكاءَها مِن أهْدَى علاماتِها وأدَلِّها عليها.
(١) الموطّأ ٢/ ٣٠٣ (٢٢٠٤). وأخرجه البخاري (٢٣٧٢) و (٢٤٢٩)، ومسلم (١٧٢٢) (١) و (٣) من طرق عن مالكٍ، به. (٢) قوله: "حذاؤها" يعني: أخفافها؛ لأنها تقوى بها على السَّير وقطْع المفاوِز. ينظر: شرح صحيح مسلم للنَّووي ١٢/ ٢١، ٢٢. (٣) في غريب الحديث له ٢/ ٢٠١.