مالكٌ (١)، عن زيد بن أسلمَ، عن عطاءِ بن يسارٍ، عن عبد الله بن عباسٍ: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أكَلَ كتِفَ شاةٍ، ثم صلّى ولم يتوضأ.
عندَ عطاءِ بن يسارٍ في هذا الباب أيضًا حديثٌ عن أُمِّ سلمةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ذكَره عبدُ الرزاق (٢)، قال: أخبَرنا ابنُ جُريج، قال: حدَّثني محمدُ بن يوسفَ، أنّ عطاءَ بن يسارٍ أخبَره، أن أمّ سلمةَ زوجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أخبرتْه، أنها قرَّبتْ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - جَنْبًا (٣) مَشوِيًّا، فأكَل منه، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضَّأ. وليس هذا باختلافٍ على عطاءِ بن يسارٍ في الإسناد، وهما حديثان صحيحان.
قال أبو عُمر: رُوي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال:"توضَّئوا ممّا غيَّرت النارُ". و:"توضّئوا ممّا مسّت النار"(٤). وذهب بعضُ مَن تكلَّم في تفسير حديث النبيِّ عليه السلامُ إلى أنّ قولَه عليه السلام:"توضَّئوا ممّا مسَّت النارُ" أنّه عنَى به غَسلَ اليدِ؛ لأن الوُضوءَ مأخوذٌ من الوَضاءةِ، وهي النظافةُ، فكأنه قال: نَظِّفُوا أيديَكم من غَمَرِ (٥) ما مسَّت النارُ، ومن دَسَم ما مسَّت النارُ. وهذا لا معنَى له عندَ
(١) الموطأ ١/ ٦٠ (٥٤)، وهو في الصحيحين: البخاري (٢٠٧)، ومسلم (٣٥٤) من طريق مالك، به. (٢) في المصنف (٦٣٨)، وأخرجه أحمد في المسند ٤٤/ ٢٣٧ (٢٦٦٢٢) عن عبد الرزاق وابن بكر - وهو محمد البُرْسانيّ - به. والترمذي (١٨٢٩)، والنسائي (١٨٣) من طريقين عن ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - به. وفيه تصريحه بالتحديث عند أحمد والترمذي فانتفت شُبهة تدليسه، وعلى هذا يُحمل قول ابن عبد البر: وهما حديثان صحيحان، وقبله صحَّحه الترمذي. (٣) والجَنْب: القطعة من الشيء تكون معظمَه أو شيئًا كثيرًا منه. اللسان، مادة (جنب). (٤) سيأتي تخريجهما قريبًا. (٥) والغَمَرُ بالتحريك: رِيحُ اللَّحم وما يَعلَق باليد من دَسَمه. اللسان، مادة (غمر).