مالكٌ (١)، عن زيدِ بن أسلمَ، عن القعقاع بن حَكيم، عن أبي يونسَ مولى عائشةَ زوج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٢)، أنّه قال: أمرَتني عائشةُ أن أكتُبَ لها مُصحفًا، ثم قالت: إذا بلَغْتَ هذه الآيةَ فآذنِّي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨]. فلمّا بَلغْتُها آذنتُها، فأمْلَتْ عليّ:"حافظوا على الصلواتِ والصلاةِ الوسطَى وصلاةِ العصر وقُوموا لله قانتين". ثم قالت: سَمِعتُها من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -.
في هذا الحديث من الفقه: جوازُ دخولِ مملوكِ المرأةِ عليها. وفيه ما يَدلُّ على مذهبِ مَن قال: إنّ القرآنَ نُسِخَ منه ما ليس في مصحفنا اليومَ. ومن قال بهذا القول يقولُ: إنّ النسخَ على ثلاثة أوجُه في القرآن:
أحدُها: ما نُسِخَ خطُّه وحكمُه وحفظُه ونُسيَ؛ يعني: رُفعَ خطُّه من المصحف، وليس حفظُه على وجهِ التِّلاوةِ ولا يُقْطعُ بصِحَّته على الله، ولا يَحكمُ به اليومَ أحدٌ، وذلك نحوُ ما رُوِيَ أنّه كان يُقرأُ:"لا تَرْغَبوا عن آبائكم، فإنّه كفرٌ بكم أن تَرْغَبوا عن آبائكم"(٣).
(١) الموطأ ١/ ٢٠٠ (٣٦٧). (٢) في الموطأ: "أم المؤمنين". (٣) وقع ذلك في سياق حديث أخرجه البخاري (٦٨٣٠) من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه، وفيها قوله: إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أنْ لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفرٌ بكم أن ترغبوا عن آبائكم، أو: إنّ كُفرًا بكم أن ترغبوا عن آبائكم. (وينظر: الناسخ والمنسوخ للمقري ص ٢٢، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ١/ ١٦٢).