مالكٌ (١)، عن صفوانَ بن سُلَيم، أنَّهُ قيلَ لرسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أيكونُ المُؤمِنُ جَبانًا؟ قال:"نعَمْ"، فقيلَ: أيكونُ بخيلًا (٢)؟ قال:"نعَمْ". فقيل لهُ: أيكونُ المُؤمِنُ كذّابًا؟ قال:"لا".
قال أبو عُمر: لا أحفظُ هذا الحديثَ مُسندًا بهذا اللَّفظِ من وَجْهٍ ثابتٍ، وهُو حديثٌ حسنٌ (٣).
ومعناهُ: أنَّ المُؤمِنَ لا يكونُ كذّابًا، يُريدُ أنَّهُ لا يغلِبُ عليه الكذِبُ، حتّى لا يكادُ يصدُقُ، هذا ليسَ من أخلاقِ المُؤمِنينَ.
وأمّا قولُهُ في المُؤمِنِ: أنَّهُ يكونُ جبانًا، وبخيلًا. فهذا يدُلُّ على أنَّ البُخلَ والجُبنَ قد يُوجدانِ في المُؤمِنِ، وهُما خُلُقانِ مذمُومانِ، قد استعاذَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منهُما (٤)، وقد رُوي عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّهُ قال:"لا يَنْبغي للمُؤمِنِ أن يكونَ جبانًا، ولا بَخيلًا"(٥)، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديثِ عَمرِو بن شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّهِ:"ثُمَّ لا تجِدُوني بَخيلًا، ولا جَبانًا، ولا كذّابًا"(٦)، وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المُؤمِنُ
(١) الموطأ ٢/ ٥٨٩ (٢٨٣٢). (٢) في المطبوع من الموطأ: "فقيل له: أيكون المؤمن بخيلًا"، والمثبت من الأصل. (٣) في د ٤: "حسن مرسل"، والمثبت من الأصل ف ٣. (٤) سلف من حديثٌ أنس في شرح الحديث الأول لزياد بن سعد، وهو في الموطأ ٢/ ٤٨٠ (٢٦١٩). وانظر تخريجه هناك. (٥) أخرجه وكيع في الزهد (٣٧٦)، وهناد (٦١٦) عن أبي جعفر الباقر، به مرسلًا. (٦) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٨٩ (١٣١٩) من حديث عمرو بن شعيب، مرسلًا.