حدِيثٌ ثالِثٌ لعبدِ الرَّحمنِ بن حرملةَ مُرسلٌ، يتَّصِلُ من وُجُوهٍ
مالكٌ (١)، عن عبدِ الرَّحمنِ بن حرملةَ الأسلمِيِّ، عن سعِيدِ بن المُسيِّبِ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"بَيْننا وبينَ المُنافِقِين شُهُودُ العِشاءِ (٢) والصُّبح، لا يَسْتطِمعُونهُما". أو نحو هذا.
قال أبو عُمر: قولُهُ: "أو نحو هذا" شكٌّ من المُحدِّثِ.
ولم يُختلف عن مالكٍ في إسنادِ هذا الحدِيثِ وإرسالِهِ (٣)، ولا يُحفَظُ هذا اللَّفظُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُسندًا، ومعناهُ محفُوظٌ من وُجُوهٍ ثابتةٍ.
فحدِيثٌ صحِيحٌ أيضًا (٥)، وقد مَضَى في بابِ أبي الزِّنادِ.
وقال يحيى في هذا الحدِيثِ:"العشاءُ والصُّبحُ". وقال القعنبِيُّ وابنُ بُكَيرٍ، وجُمهُورُ الرُّواةِ لـ "المُوطَّأ" عن مالكٍ فيه: "صلاةُ الصُّبح والعَتمة" على ما في تَرْجمةِ البابِ.
وفي ذلك: جوازُ تَسْمِيةِ العشاءِ الآخِرةِ بالعَتَمةِ، ورَدٌّ على من أنكرَ ذلك.
وفيه: أنَّ النِّفاقَ بعِيدٌ من الذينَ يُواظِبُون على شُهُودِ العِشاءِ والصُّبح في جَماعةٍ، ومن واظَبَ على هاتينِ الصَّلاتينِ في جَماعةٍ، فأحْرَى أن يُواظِبَ على غيرِهِما.
(١) الموطأ ١/ ١٩٠ (٣٤٥). (٢) في ت: "العتمة". (٣) رواه عن مالك: أبو مصعب الزهري (٣٢٦)، وسويد بن سعيد (١٠٥)، والشافعي، ص ٥٢ ومن طريقه البيهقي ٣/ ٥٩. (٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٨٩ (٣٤٣). (٥) قوله: "أيضًا" لم يرد في د ٢.