مالكٌ (١)، عن عبدِ الله بن يزِيد مولى الأسودِ بن سُفيانَ، عن أبي سلمةَ بن عبدِ الرَّحمنِ، عن فاطِمةَ ابنة قيسٍ: أنَّ أبا عَمرِو بن حفصٍ طلَّقها البتَّةَ وهُو غائبٌ بالشّام (٢)، فأرسلَ إليها وكِيلهُ بشعِيرٍ، فسَخِطتهُ، فقال: والله ما لكِ علينا من شيءٍ. فجاءَت رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرَتْ ذلك لهُ، فقال:"ليسَ لكِ عليه نَفَقةٌ". وأمرَها أن تعتدَّ في بيتِ أُمِّ شرِيكٍ، ثُمَّ قال لها:"تلك امرأةٌ يَغْشاها أصحابِي، اعتدِّي عِندَ ابنِ أُمِّ مكتُوم، فإنَّهُ رجُلٌ أعْمَى، تضعِينَ ثِيابكِ، فإذا حَلَلتِ فآذِنِينِي". قالت: فلمّا حَلَلتُ ذكرتُ لهُ أنَّ مُعاويةَ بن أبي سُفيانَ وأبا جَهْم بن هشام خَطَباني، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمّا أبو جَهْم فلا يَضَعُ عَصاهُ عن عاتِقِهِ، وأمّا مُعاويةُ فصُعلُوكٌ لا مالَ لهُ، انْكِحِي أُسامةَ بن زيدٍ". قالت: فكرِهتُهُ ثُمَّ قال: "انكِحِي أُسامةَ بن زيدٍ". قالت: فنَكَحتُهُ، فجعلَ الله فيه خيرًا، واغْتَبَطتُ به.
قال أبو عُمر: أمّا قولُ يحيى في هذا الحديثِ: إنَّ مُعاويةَ بن أبي سُفيانَ وأبا جَهْم بن هشام خَطَباني. فمن الغَلطِ البيِّنِ، ولم يقُل أحدٌ من رُواةِ "المُوطَّأ": أبا جَهْم بن هشام. غير يحيى، وإنَّما في "المُوطَّأ" عِندَ جماعةِ الرُّواةِ غيرِ يحيى: أنَّ مُعاويةَ بن أبي سُفيان، وأبا جَهْم خطباني. هكذا: أبو جهم، غيرَ مَنسُوبٍ في "المُوطَّأ"، وهُو أبو جَهْم بن حُذَيفةَ بن غانِم العَدوِيُّ القُرشِيُّ (٣)، اسمُهُ عُمير (٤)،
(١) الموطأ ٢/ ٩٣ - ٩٤ (١٦٩٧). (٢) سقطت هذه اللفظة من الأصل، وهي ثابتة في د ٢ والموطأ. (٣) من هنا، إلى قوله: "عبيد بن حذيفة" لم يرد في ي ١، ت. (٤) هكذا في النسخ: "عمير"، والصواب كما جاء في مصادر ترجمته: "عامر". انظر: طبقات ابن سعد ٥/ ٤٥١، والاستيعاب ٤/ ١٦٢٣.