مالكٌ (١)، عن ابن شِهاب، عن سالم بن عبدِ الله، أنَّ عبد الله بن محمدِ بن أبي بكرٍ الصَّدِّيقِ أخبَرَ (٢) عبدَ الله بن عُمر، عن عائشةَ، أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ألم تري إلى قومِكِ حين بنوُا الكعبة اقتصرُوا عن قَواعِدِ إبراهيم؟ " قالت: فقلتُ: يا رَسُولَ الله، أفلا ترُدُّها على قَواعِدِ إبراهيم؟ فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا حِدْثانُ قومِكِ بالكُفرِ لفعلتُ". فقال ابنُ عُمر: لَئنْ كانت عائشةُ سمِعَت هذا من رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ما أرَىَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تركَ استِلامَ الرُّكنينِ اللَّذينِ يَلِيانِ الحِجْرَ، إلّا أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعِدِ إبراهيمَ.
في هذا الحديثِ من العِلم: أنَّ قُريشًا بَنتِ الكعبةَ ولم تُتِمَّها على قواعِدِ إبراهيم. وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم - لعائشة:"ألم تَرَي إلى قومِكِ؟ "، و"لولا حِدثانُ قومِكِ بالكُفر"، إنَّما عَنَى بذلك قُريشًا، لبُنيانِهِمُ الكعبة، قال اللهُ عزَّ وجلَّ لنبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ}[الأنعام: ٦٦]، وقال:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}[الزخرف: ٤٤]. قال المُفسِّرُون: يعني قُريشًا.
والقواعِدُ أساسُ البيتِ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ}[البقرة: ١٢٧]، قال أهلُ اللُّغةِ: الواحِدةُ منها قاعِدةٌ. قالوا: والواحِدُ من النَّساءِ: قاعِدٌ.
(١) الموطأ ١/ ٤٨٨ (١٠٥٤)، ومن طريق مالك أخرجه الشيخان في صحيحيهما: البخاري (١٥٨٣) و (٣٣٦٧) و (٤٤٨٤)، ومسلم (١٣٣٣). (٢) في ض، م: "أخبره عن"، وفي ر ١: "أخبر عن". وأثبتناه كما ورد في ش ٤، والموطأ وغيره من المصادر.