مالكٌ (١)، عن عبدِ الله بن يزِيد مولى الأسْوَدِ بن سُفيانَ، عن أبي سَلَمةَ بن عبدِ الرَّحمنِ، وعن محمدِ بن عبدِ الرَّحمنِ بن ثوبانَ، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا كانَ الحرُّ، فأبرِدُوا عن الصَّلاةِ، فإنَّ شِدَّةَ الحرِّ من فيح جهنَّمَ". وذكَرَ:"أنَّ النّارَ اشْتَكَتْ إلى ربِّها، فأذِنَ لها بنَفَسينِ: نَفَسٍ في الشِّتاءِ، ونَفَسٍ في الصَّيفِ".
وقد مَضَى القولُ في معنَى هذا الحديثِ، في بابِ زيدِ بن أسلمَ من كِتابِنا هذا.
والذي عليه الجماعةُ أهلُ السُّنَّةِ: أنَّ الجنَّةَ والنّار مخلُوقتانِ بَعدُ، إحداهُما رحمةُ الله لمنْ شاءَ من خلقِهِ، والأُخرى عذابُهُ ونِقمتُهُ لمن شاءَ أن يُعذِّبهُ من خَلقِهِ.
أخبَرنا أحمدُ بن سعِيدِ بن بِشْرٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الله بن أبي دُلَيم، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح، قال: سألتُ يحيى بن معِينٍ عن الجنَّةِ والنّارِ، فقال: مخلُوقتانِ لا تبِيدانِ.
قال أبو عُمر: الدَّلائلُ من الآثارِ كثِيرةٌ على أنَّ الجنَّةَ مخلُوقةٌ بعدُ، والنّارُ مخلُوقةٌ بعدُ، فمن ذلك قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ماتَ أحدُكُم عُرِضَ عليه مَقعدُهُ بالغَداةِ والعشِيِّ، إن كان من أهلِ الجنَّةِ، فمن أهلِ الجنَّةِ، وإن كان من أهلِ النّارِ، فمن أهلِ النّارِ، يُقالُ لهُ: هذا مَقعدُكَ حتَّى يبعثكَ الله إليه يوم القِيامةِ"(٢).
وقال الله عزَّ وجلَّ، في آلِ فِرعونَ:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} الآيةَ [غافر: ٤٦].
(١) الموطأ ١/ ٤٨ (٢٨). (٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣٢٧ (٦٤١) من حديث ابن عمر.