ومِمَّن قال ذلكَ: أبو حنيفةَ وأصحابُهُ، والأوزاعيُّ، وأكثرُ أهلِ الكُوفةِ، إلّا الحسن بن حيٍّ، فإنَّهُ أوجبَ التَّسْليمتينِ جميعًا، بقولِهِ عليه السَّلامُ:"تحليلُها التَّسليمُ"(١). ثُمَّ بيَّن بفِعلِهِ كيفَ التَّسليمُ.
وقال آخرُونَ، منهُمُ الشّافِعيُّ: التَّسليمةُ الأُولى يخرُجُ بها من صلاتِهِ واجِبةٌ، والأُخرى سُنَّةٌ (٢). ومن حُجَّتِهِ، قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "تحليلُها التَّسليمُ". والتَّسْليمةُ الواحِدةُ يَقَعُ عليها اسمُ تسليم، وهذه أيضًا حُجَّةُ من قال بالتَّسليمةِ الواحِدةِ، وبالله التَّوفيقِ.
وقال الثَّوريُّ: إذا كُنتَ إمامًا فسلِّم عن يَمينِكَ وعن يسارِكَ: السَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله، فإن كُنتَ غير إمام، فإذا سلَّمَ الإمامُ، فسلِّم عن يمينِكَ وعن يسارِك، تَنْوي به الملائكةَ، ومن معكَ من المُسلِمينَ (٣).
وقال الشّافِعيُّ: نأمُرُ كلَّ مُصلٍّ أن يُسلِّمَ عن يمينِهِ وعن يَسارِهِ، إمامًا كانَ أو مُنفرِدًا أو مأمُومًا، ويقولُ في كلِّ واحِدةٍ منهُما: السَّلامُ عليكُم ورحمةُ الله، وينوي بالأُولى من عن يَمينِهِ، وبالثّانيةِ من عن يَسارر، وينوي المأمُومُ الإمام بالتَّسليمةِ التي إلى ناحيتِهِ في اليمينِ أو في المسارِ. قال: ولو اقْتَصرَ على تسليمةٍ واحِدةٍ، لم يكُن عليه إعادةٌ (٤).
(١) أخرجه الشافعي في مسنده، ص ٣٤، وأحمد ٢/ ٢٩٢، ٣٢٢ (١٠٠٦، ١٠٧٢)، وأبو داود (٦١، ٦١٨)، وابن ماجة (٢٧٥)، والترمذي (٣)، وأبو يعلى (٦١٦)، والدارقطني في سننه ٢/ ١٧٩، ٢١٦ (١٣٥٩، ١٤٢١)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ١٥، ١٧٣، من حديث علي بن أبي طالب. وانظر: المسند الجامع ١٣/ ١٦٧ - ١٦٨ (١٠٠١٥). (٢) انظر: الأم ١/ ١٢٢. (٣) انظر: الاستذكار ٢/ ٤٩٢. (٤) انظر: الأم ١/ ١٢٢، والاستذكار ٢/ ٤٩٢.