وأمّا قولُهُ:"نسَمَةُ المُؤمِنِ" والنَّسمةُ هاهُنا الرُّوحُ، يدُلُّك على ذلكَ قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - في الحديثِ نفسِه:"حتَّى يُرْجِعهُ الله إلى جَسدِهِ يوم القيامةِ". وقيل: النَّسمةُ: النَّفسُ، والرُّوحُ، والبَدَنُ، وأصلُ هذه اللَّفظةِ، أعني النَّسمةَ، الإنسانُ بعينِهِ، وإنَّما قيل للإنسانِ نَسَمةٌ، والله أعلمُ، لأنَّ حياةَ الإنسانِ برُوحِهِ، فإذا فارَقتْهُ، عُدِمَ، أو صارَ كالمُعْدَم.
والدَّليلُ على أنَّ النَّسمةَ الإنسانُ، قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتَقَ نَسَمةً مُؤمِنةً"(١)، وقولُ عليٍّ رضي الله عنهُ: لا والذي فلق الحبَّةَ، وبَرَأ النَّسمةَ (٢).
قال الشّاعِرُ (٣):
بأعظمَ منك (٤) يقي في الحِسابِ ... إذا النَّسَماتُ نفَضْنَ الغُبارا
يعني إذا بُعِث النّاسُ من قُبُورِهِم يومَ القيامةِ.
وقال الخليلُ بن أحمدَ (٥): النَّسمةُ الإنسانُ. قال: والنَّسمُ نفسُ الرُّوح، والنَّسيمُ هُبُوبُ الرِّيح.
(١) أخرجه النسائي في الكبرى ٥/ ٦ (٤٨٥٧)، والطبراني في الكبير ١/ ١٠٩ (١٨٦) من حديث علي. (٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢/ ٣٦ (٥٩٩)، والبخاري (٣٠٤٧، ٦٩٤٥)، والترمذي (١٤١٢)، والنسائي في المجتبى ٨/ ٢٤، وفي الكبرى ٦/ ٣٣٤ (٦٩٢٠). وفي الحديث خبر الصحيفة التي في قراب سيفه، وفيها العقل، وفكاك الأسير، وغير ذلك. (٣) انظر: الاستذكار ٣/ ٩٢، ونسبه إلى "ذو الرمة". وورد هذا البيت في ديوان الأعشى، ص ٥٣. (٤) هكذا في النسخ، وفي الديوان: منه. (٥) انظر: العين ٧/ ٢٧٥.