واختلفَ العُلماءُ في معنى هذا الحديثِ، فقال منهُم قائلُون: أرواحُ المُؤمِنينَ عِندَ الله في الجنَّةِ، شُهداءً كانُوا، أم غيرَ شُهداءٍ، إذا لم يحبِسْهُم عن الجنَّةِ كبيرةٌ، ولا دَيْنٌ، وتَلقّاهُم ربُّهُم بالعَفْوِ عنهُم، وبالرَّحمةِ لهم، واحتجُّوا بأنَّ هذا الحديث لم يخُصَّ فيه مُؤمِنًا شهيدًا، من غيرِ شهيدٍ، واحتجُّوا أيضًا بما رُوِيَ عن أبي هُريرةَ: أنَّ أرواحَ الأبرارِ في عِلِّيِّين، وأرواحَ الفُجّارِ في سِجِّينٍ (٥). وعن عبدِ الله بن عُمر مِثلُ ذلكَ.
وهذا قولٌ يُعارِضُهُ من السُّنَّةِ ما لا مَدْفَعَ في صِحَّةِ نقلِهِ، وهُو قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ماتَ أحدُكُم، عُرِضَ عليه مَقْعدُهُ بالغداةِ والعَشيِّ، إن كانَ من أهْلِ الجنَّةِ، فمِنْ أهلِ الجنَّةِ، وإن كان من أهلِ النّارِ، فمِنْ أهلِ النّارِ، يُقالُ: هذا مَقْعدُكَ حتَّى
(١) انظر: العين ١/ ٣١٧، ولسان العرب ٥/ ١٨٥. وفي اللسان: "عذوقا تقذفن" بدل: "علوقة يمصعن". والمجنبات: الخيل تجنب إلى الإبل. والمصع التحريك، والدابة تمصع بذنبها، أي: تحركه. انظر: المصدرين المذكورين. (٢) انظر: ديوانه، ص ٢١١. (٣) في م: "ترسن". (٤) في م: "الربيع". (٥) ذكره محمد بن محمد المنبجي الحنبلي في تسلية أهل المصائب، ص ٢١١، وابن القيم في الروح، ص ٩٥.