ويقالُ: إنَّ الرَّجلَينِ اللذَيْنِ خطَبا أو أحَدُهما عندَ رسولِ الله -صلي الله عليه وسلم- المَذكُورَيِن في هذا الحديثِ؛ عمرُو بنُ الأهْتَمِ، والزِّبْرِقَانُ بنُ بَدْرٍ.
قال أبو عمر (١): أمَّا قولُه: لَزَمِرٌ. فالزَّمِرُ: القليلُ، أرادَ قليلَ المُرُوءَةِ. والعَطَنُ: الفِناءُ. وقولُه: ضَيِّقُ العَطَنِ، كِنايَةٌ عن البُخْلِ.
حدَّثنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زُهَيْرٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يَزيد، قال: حدَّثنا ابنُ إدْرِيسَ، عن مالكِ بنِ مِغْوَلٍ، قال: كان زيدُ بنُ إياسٍ يقولُ للشَّعْبِيِّ: يا مُبْطِلَ الحَاجاتِ. يعْنِي أنَّه يَشْغَلُ جُلَساءَه عن حَوائجِهم بحُسْنِ حديثه (٢).
حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ أحمدَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا أبو الحسنِ محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ سعيدٍ المِهْرَانِيُّ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ محمدٍ المُهَلَّبِيُّ، قال: حدَّثنا العُتْبِيُّ، عَمَّنْ حدَّثه، قال: كان الشَّعْبِيُّ إذا سَمِع حديثًا ورَدَّه، فكأنَّه زاد فيه من تَحْسِينِه لِلفْظِه، فسَمِع يومًا حديثًا وقد سَمِعه معه جليسٌ له يُقالُ له: رَزِينٌ. فرَدَّه الشَّعْبِيُّ وحَسَّنه، فقال له رَزِين: اتَّقِ اللهَ يا أبا عمرٍو، ليسَ هكذا الحديثُ. فقال له الشَّعْبِيُّ: يا رَزِينُ ما كان أحْوَجَكَ إلى مُحَدْرَجٍ (٣)، شديدِ الجَلَدِ، لَيِّنِ المهَزَّة (٤)، عَظِيم الثَّمَرَةِ (٥)، أُخِذ ما بينَ مَغْرَزِ
(١) قوله: "قال أبو عمر" لم يرد في د ١. (٢) أخرجه الفَسَوي في المعرفة والتاريخ ٢/ ٦٠٢، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢٥/ ٣٧٧ كلاهما عن محمد بن عبد الله بن نُمير عن عبد الله بن إدريس، به. (٣) المُحَدْرَج: المَفْتول، والمراد: سوط مُحكَم جيِّد الفَتْل. ينظر: المحكم لابن سيدة ٤/ ٥١، وتاريخ دمشق ٢٥/ ٣٧٨. (٤) قال ابن عساكر ٢٥/ ٣٧٨: وقوله "ليِّن المَهزَّة" يصفه -يعني السَّوط- بالتثنِّي إذا هُزَّ. (٥) قوله: "عظيم الثَّمرة" قال الزَّبيدي: الثَّمرة من السَّوط: عُقدة أطرافه، تشبيهًا بالثمر في الهيئة والتَّدلّي عنه كتدلّي الثَّمر عن الشجرة. تاج العروس (ثمر).