ومثلُ هذا قولُ ابن ميَّادَةَ، واسمُه الرَّمَّاحُ (٣):
بلاد بها نِيطَت علَيَّ تَمائِمي ... وقُطِّعْن عنِّي حينَ أدرَكَني عقلي
وقولُ أحمدَ في معنَى العَقيقةِ في اللُّغةِ أولى من قولِ أبي عُبيدٍ وأقربُ وأصوَبُ، واللهُ أعلم.
قال أبو عُمر: في هذا الحديث قولُه -صلى الله عليه وسلم-: "مَن وُلدَ له ولدٌ فأحبَّ أن يَنسُكَ عن ولدِه فلْيَفْعَلْ" دليلٌ على أنّ العقيقةَ ليست بواجبةٍ؛ لأنّ الواجبَ لا يقالُ فيه:"مَنْ أحبَّ فلْيَفْعَلْه". وهذا موضعٌ اختلَف العلماءُ فيه، فذهَب أهلُ الظَّاهرِ إلى أنّ العقيقةَ واجبةٌ فرضًا، منهم داودُ بن عليٍّ وغيرُه (٤). واحتجُّوا لوُجوبِها بأنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بها وفعَلها، وكان بُريدَةُ الأسلَمِيُّ يُوجِبُها، وشَبَّهها بالصَّلاةِ،
(١) ينظر: المغني لابن قدامة ٩/ ٤٥٩. (٢) الببيت في الكامل في اللغة والأدب ٢/ ٢٠٧، وفي تهذيب اللغة للأزهري ١/ ٥٠، ولسان العرب مادة (عقق) دون نسبة لقائلٍ معيّن، وفيه عندهم "تميمتي" بدل "تمائمي". (٣) الرَّماح بن أبرد بن ثوبان الذّبياني الغطفاني، والبيت في الرسائل للجاحظ ٢/ ٤٠٠، والشعر والشعراء لابن قتيبة ٢/ ٧٦٠، والأغاني لأبي الفرج ٢/ ٣٠٥ وعزاه هو وابن قتيبة لابن ميادة. (٤) ينظر المحلّى ٧/ ٥٢٩، ٥٣٠، وبداية المجتهد لابن رشد ٣/ ١٤.