فسُمِّيتِ الشاةُ عقيقةً لعَقيقَةِ الشَّعَر، وكذلك كلُّ مولودٍ من البهائمِ، فإنّ الشَّعَرَ الذي يكونُ عليه حينَ يُولَدُ عقيقةٌ وعِقَّةٌ. قال زهيرٌ يَذكُرُ حمارَ وَحْشٍ (١):
أذلك أَمْ أقبُّ البَطنِ جَأْبٌ ... عليه من عَقيقَتِه عِفاءُ (٢)
يعني صغارَ الوبَرِ.
وقال ابن الرِّقاع في العِقَّةِ يَصفُ حِمارًا (٣):
تَحسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فأنْسَلَها ... واجْتابَ أُخرَى جديدًا بعدَما ابْتَقَلا
قال: يريدُ أَنَّه لَمّا فُطِم من الرضاع، وأكَل البقْلَ، ألقَى عَقيقتَه، واجتابَ أُخرى، وهكذا زعَموا يكونُ. قال أبو عبيدٍ: العِقَّةُ والعقيقةُ في الناسِ والحُمُرِ، ولم يُسمَعْ في غير ذلك.
قال أبو عُمر: هذا كلُّه كلامُ أبي عبيدٍ وحكايتُه وما ذكَره في تفسيرِ العَقيقةِ، وقد أنكَر أحمدُ بن حنبلٍ تفسيرَ أبي عبيدٍ هذا للعقيقَةِ، وما ذكَره عن الأصمعيِّ وغيره في ذلك، وقال: إنَّما العقيقةُ الذَّبحُ نفسُه. قال: ولا وجهَ لما قال أبو عبيدٍ (٤). واحتَجَّ بعضُ المتأخِّرين لأحمدَ بن حنبلٍ في قولِه هذا بأن قال: ما قال
(١) البيت في ديوان زهير ص ٦٥. (٢) قوله: "أقبّ البطن" الأقبُّ: الضامر البطن. وقوله: "جأبٌ عليه" أي: غليظ عليه. وقوله: "من عقيقته عفاء" يقال: ناقة ذات عفاء: كثيرة الوبر. ينظر: الصحاح مادتي (جبب) و (قبب)، وتهذيب اللغة للأزهري ٣/ ١٤٣. (٣) البيت في ديوان عدي بن الرّقاع ص ٣، وإليه عزاه ابن منظور في اللسان مادة (عقق)، وقال: "فجَعَل العقيقةَ الشَّعرَ لا الشاةَ، يقول: لمّا تربَّع وأكل بُقولَ الرَّبيع أنْسَلَ الشَّعرَ المولودَ معه وأنبَتَ الآخر، فاجتابه؛ أي: اكتساه". (٤) قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد بروايته ص ٣٤٢ (١٦٣٢): "سمعت أحمد بن حنبل سئل عن العقيقة: ما هي؟ قال: الذبيحة. وأنكر قول الذي قال: هو حَلْقُ الرأسِ".