، ويغني عن الاستدلال لترك غسل الشّهيد في هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - في شُهداء أُحدٍ: زمّلوهم بدمائهم. (١)
قوله:(الْمِسك) بكسر الميم الطّيب المعروف.
قال الجاحظ: هو من دويبة تكون في الصّين تصاد لنوافجها وسررها، فإذا صيدت شدّت بعصائب وهي مدلية يجتمع فيها دمها، فإذا ذبحت قوّرت السّرّة التي عصبت , ودفنت في الشّعر حتّى يستحيل ذلك الدّم المختنق الجامد مسكاً ذكيّاً بعد أن كان لا يرام من النّتن.
ومن ثَمّ قال القفّال: إنّها تندبغ بما فيها من المسك فتطهر كما يطهر غيرها من المدبوغات، والمشهور أنّ غزال المسك كالظّبي , لكن لونه أسود وله نابان لطيفان أبيضان في فكّه الأسفل، وأنّ المسك دم يجتمع في سرّته في وقت معلوم من السّنة , فإذا اجتمع ورِمَ الموضعُ فمرض الغزال إلى أن يسقط منه.
ويقال: إنّ أهل تلك البلاد يجعلون لها أوتاداً في البرّيّة تحتكّ بها ليسقط.
(١) أخرجه الإمام أحمد في " المسند " (٥/ ٤٣١) والنسائي (١/ ٢٨٢) وغيرهما من طريق الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرف على قتلى أحدٍ، فقال: إني أشهد على هؤلاء، زمّلوهم بكلومهم ودمائهم. وللبخاري في " صحيحه " (١٣٤٣) وفي مواضع أخرى عن جابر - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين من قتلى أُحدٍ في ثوب واحد، ثم يقول: أيُّهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللحد، وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، وأمر بدفنهم في دمائهم، ولَم يغسّلوا، ولَم يصلِّ عليهم.