وقال صاحب الهداية: المراد بالغراب في الحديث الغداف والأبقع , لأنّهما يأكلان الجيف، وأمّا غراب الزّرع فلا. وكذا استثناه ابن قدامة، وما أظنّ فيه خلافاً، وعليه يُحمل ما جاء في حديث أبي سعيد عند أبي داود - إن صحّ - حيث قال فيه: ويرمي الغراب ولا يقتله.
وروى ابن المنذر وغيره نحوه عن عليّ ومجاهد.
قال ابن المنذر: أباح كلّ من يحفظ عنه العلم قتل الغراب في الإحرام إلاَّ ما جاء عن عطاء قال في مُحرم كسر قرن غراب , فقال: إن أدماه فعليه الجزاء. وقال الخطّابيّ: لَم يتابع أحدٌ عطاءً على هذا، انتهى.
ويحتمل: أن يكون مراده غراب الزّرع.
وعند المالكيّة اختلاف آخر في الغراب والحدأة هل يتقيّد جواز
(١) أخرجه الإمام أحمد في " الزهد " (١/ ٢٣٨) من طريق مهدي بن ميمون حدثنا غيلان عن رجلٍ - إن لَم يكن مطرّفاً فلا ادري من هو - عن ابن عباس به. وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (٢٩٨٧٢) عن غيلان عن ابن عبَّاس به. دون واسطة. والصواب الأول , وغيلان هو ابن جرير المعولي الأزدي البصري. وفي المسند للإمام أحمد (٧٠٤٥) من حديث عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ردَّته الطيرة من حاجة فقد أشرك. قالوا: يا رسول الله، ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلاَّ خيرك، ولا طير إلاَّ طيرك، ولا إله غيرك. وفي سنده ابن لهيعة. ورواه البزار (٤٣٧٩) من حديث بريدة - رضي الله عنه - نحوه. قال الهيثمي في " المجمع " (٥/ ١٠٥): فيه الحسن بن أبي جعفر، وهو متروك , وقد قيل فيه: صدوق منكر الحديث.