التّصريح في حديث معاذ بن جبل في الموطّأ. ولفظه: أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أخّر الصّلاة في غزوة تبوك، ثمّ خرج فصلَّى الظّهر والعصر جميعاً، ثمّ دخل، ثمّ خرج فصلَّى المغرب والعشاء جميعاً. (١)
قال الشّافعيّ في " الأمّ ". قوله " دخل ثمّ خرج ": لا يكون إلاَّ وهو نازل، فللمسافر أن يجمع نازلاً ومسافراً.
وقال ابن عبد البرّ: في هذا أوضح دليل على الرّدّ على مَن قال لا يجمع إلاَّ من جدّ به السّير، وهو قاطع للالتباس. انتهى.
وحكى عياض: أنّ بعضهم أوّل قوله " ثمّ دخل " أي: في الطّريق مسافراً " ثمّ خرج " أي: عن الطّريق للصّلاة، ثمّ استبعده.
ولا شكّ في بُعده، وكأنّه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك لبيان الجواز، وكان أكثر عادته ما دلَّ عليه حديث أنس. والله أعلم.
ومن ثَمَّ قال الشّافعيّة: ترك الجمع أفضل , وعن مالك رواية أنّه مكروه.
وفي هذه الأحاديث تخصيص لحديث الأوقات التي بيّنها جبريل للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وبيّنها النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - للأعرابيّ حيث قال في آخرها: الوقت ما بين هذين.
قال إمام الحرمين (٢): ثبت في الجمع أحاديث نصوص لا يتطرّق
(١) وهو عند مسلم أيضاً (٧٠٦) كتاب الفضائل. باب في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق مالك. (٢) هو عبدالملك الجويني , سبق ترجمته (١/ ٢٨٣)