يقول الله - جل وعلا - (١): {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨٨) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. وعن حميد بن زياد قال (٢): قال يوما لمحمد بن كعب القرظي: ألا تخبرني عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما كان بينهم؟ - وأردت الفتن -. فقال لي:(إن الله - تعالى - قد غفر لجميعهم، وأوجب لهم الجنة في كتابه محسنهم، ومسيئهم). قلت له: وفي أي موضع أوجب لهم الجنة؟ قال:(سبحان الله! ألا تقرأ قوله - تعالى -: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} إلى آخر الآية. فأوجب أن لجميع أصحاب النبي - عليه السلام - الجنة، والرضوان ... ) اهـ، وتمام الآية:{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}(٣). قال أبو محمد اليمني (٤) - معلقًا، وقد ذكر الآية -: (فذكر الله - سبحانه وتعالى - أنه قد رضى عنهم، وأنه - سبحانه وتعالى - يدخلهم الجنة، ولا يكون ذلك إلا من بعد غفرانه لمسيئهم ومحسنهم، وبعلمه السابق بما يكون منهم) اهـ.
(١) الآيتان: (٨٨ - ٨٩)، من سورة: التوبة. (٢) كما في: تفسير الرازى (١٦/ ١٧١)، وروح المعاني (١١/ ٧ - ٨). (٣) الآية: (١٠٠)، من سورة: التوبة. (٤) عقائد الثلاث والسبعين فرقة (١/ ١٩٠ - ١٩١).