سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سألت أبي عن حديث ابن عمر: كنا إذا فاضلنا بين أصحاب رسول الله ﷺ قلنا: أبو بكر وعمر وعثمان فقال: هو كما قال: قلت: فأين علي بن أبي طالب؟ قال: يا بني لم يقل من أهل بيت رسول الله فلذلك لم يذكره. فظاهر هذا من كلامه ان حديث ابن عمر تضمن بيان التفضيل بين أصحاب رسول الله ﷺ الذين لا قرابه هم برسول الله ﷺ وعلى له قرابة وصحابة وتفضيله على غيره ثبت بدليل آخر ولأنه وإن كان علي من حملة الصحابة إلا أن له اسمًا اختص به وهو القرابة.
فالرواية الأخرى: العرب كلها أكفاء قال في رواية أبي طالب وقد ذكر له حديث أسامة لما تزوج فاطمة بنت قيس قال: أسامة عربي جرى عليه الرق فظاهر هذا أنه اعتبر المساواة في العربية ولم يعتبر المساواة في الشرف. وجه الأولى: وهي الصحيحة ما روى ابن عمر عن النبي ﷺ قال: نحن معاشر قريش خير العرب وموالينا خير الموالي (١). وما روت عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: قال لي جبريل ﵇ قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد أفضل من بني هاشم (٢). ولأن قريشًا فضلت على سائر العرب برسول الله ﷺ وإنه منهم وبنو هاشم فضلوا على سائر قريش أنهم من أجداد النبي ﷺ فلم يكن بعضهم كفئًا لبعض.
ووجه الثانية: أن العربية تجمعهم فكانوا أكفاء دليله قريش مع قريش
(١ و ٢) لم أجد هذين الحديثين باللفظين المذكورين، ولعله يدل لمضمونها قوله ﷺ: "أن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم" - صحيح مسلم - كتاب الفضائل - باب فضل نسب النبي ﷺ ٤/ ١٧٨٢ حديث ٢٢٧٦، والسنن الكبرى للبيهقي كتاب النكاح باب اعتبار النسب في الكفاءة ٧/ ١٣٤. وقوله ﷺ حينما جمع المهاجرين من قريش فقال: (هل فيكم أحد من غيركم)؟ قالوا: نعم حلفاؤنا وبنوا إخواننا وموالينا) فقال: (موالينا منا) - مجمع الزوائد في المناقب - باب في موالي قريش ١٠/ ٢٤، ومصنف عبد الرزاق باب فضائل قريش ١١/ ٥٥ و ٥٦ رقم ٩٨٩٧ و ١٩٨٩٨. وقوله ﷺ: (مولى القوم منهم) أو (من أنفسهم) - صحيح البخاري - كتاب - الزكاة - باب مولى القوم منهم ٤/ ١٩٦. وسنن النسائي - كتاب الزكاة - باب مولى القوم منهم ٥/ ١٠٧ ومجمع الزوائد كتاب الزكاة باب الصدقة لرسول الله ﷺ ٣/ ٩١ ومستدرك الحاكم في الزكاة ١/ ١٠٤.