للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اختلف في سبب قيام زيد، وطلبه الأمر لنفسه. فقيل: إنّ زيد بن علي، وداود بن علي ابن عبد اللّه بن عبّاس، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قدموا على خالد بن عبد اللّه القسري بالعراق، فأجازهم ورجعوا إلى المدينة. فلمّا ولي يوسف بن عمر العراق، بعد عزل خالد، كتب إلى هشام بن عبد الملك، وذكر له أن خالدا ابتاع من زيد أرضا بالمدينة بعشرة آلاف دينار، ثم ردّ الأرض عليه. فكتب هشام إلى عامل المدينة أن يسيّرهم إليه، ففعل، فسألهم هشام عن ذلك، فأقرّوا بالجائزة، وأنكروا ما سوى ذلك، وحلفوا. فصدقهم وأمرهم بالمسير إلى العراق ليقابلوا خالدا، فساروا على كره، وقابلوا خالدا، فصدقهم، وعادوا نحو المدينة. فلمّا نزلوا القادسيّة، راسل أهل الكوفة زيدا، فعاد إليهم.

وقيل: بل ادّعى خالد القسري أنّه أودع زيدا وداود بن علي ونفرا من قريش مالا، فكتب يوسف بن عمر بذلك إلى الخليفة هشام بن عبد الملك، فأحضرهم هشام من المدينة، وسيّرهم إلى يوسف ليجمعهم وخالدا، فقدموا عليه، فقال يوسف لزيد: إنّ خالدا زعم أنّه أودع عندك مالا.

فقال زيد: كيف يودعني وهو يشتم آبائي على منبره؟ فأرسل إلى خالد، فأحضره في عباءة، وقال له: هذا زيد قد أنكر أنّك أودعته شيئا. فنظر خالد إليه وإلى داود، وقال ليوسف: أتريد أن تجمع إثمك مع إثمنا في هذا؟ كيف أودعه وأنا أشتم آباءه وأشتمه على المنبر؟ فقال زيد لخالد: ما دعاك إلى ما صنعت؟ فقال: شدّد عليّ العذاب، فادّعيت ذلك، وأمّلت أن يأتي اللّه بفرج قبل قدومك. فرجعوا، وأقام زيد وداود بالكوفة.

وقيل: إنّ يزيد بن خالد القسري هو الذي ادّعى أنّ المال وديعة عند زيد. فلمّا أمرهم هشام بالمسير إلى العراق إلى يوسف، استقالوه خوفا من شرّ يوسف وظلمه، فقال: أنا أكتب إليه بالكفّ عنكم. وألزمهم بذلك. فصاروا على كره، فجمع يوسف بينهم وبين يزيد، فقال يزيد:

ليس لي عندهم قليل ولا كثير. فقال له يوسف: أتهزأ بأمير المؤمنين؟ فعذّبه يومئذ عذابا كاد يهلكه، ثم أمر بالقرشيين فضربوا، وترك زيدا، ثم استحلفهم وأطلقهم، فلحقوا بالمدينة، وأقام زيد بالكوفة.

وكان زيد قال لهشام لمّا أمره بالمسير إلى يوسف: واللّه ما آمن إن بعثني إليه ألاّ نجتمع أنا وأنت حبيبين أبدا. قال: لا بدّ من المسير إليه، فسار إليه.

وقيل: كان السّبب في ذلك أنّ زيدا كان يخاصم ابن عمّه جعفر بن الحسن بن الحسين ابن علي في وقوف علي، : فزيد يخاصم عن بني حسين، وجعفر يخاصم عن بني