وقد بوب الخطيب البغدادي لهذه المسألة بقوله:«ذكر الرواية أن الله تعالى لا يخلي الوقت من فقيه أو متفقه»(١) . ومن الأدلة على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك»(٢) .
وقوله:«إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»(٣) .
ومن المتفق عليه أن هذه الأمة معصومة عن إضاعة الحق أو جهل نص محتاج إليه، بالنسبة لجميع العلماء، أما بالنسبة لبعضهم فقد يخطئ العام، أو يجهل العالم النص (٤) .
فإذا ثبت أن الحق لا يمكن أن يضيع عن عامة الأمة، لزم أن يقوم بهذا الحق قائم واحد على الأقل.
٢- أن الخلاف في المسائل الاجتهادية فيه رحمة بالأمة، إذا التزم في هذا الخلاف بالشرع.
قال ابن تيمية:«والنزاع في الأحكام قد يكون رحمةً إذا لم يُفضِ إلى شر عظيم من خفاء الحكم، ولهذا صنف رجل كتابًا سماه كتاب الاختلاف، فقال أحمد: سمه كتاب السعة، وأن الحق في نفس الأمر واحد، وقد يكون من رحمة الله ببعض الناس خفاؤه لما في ظهوره من الشدة عليه، ويكون من باب قوله تعالى:{لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة: ١٠١] »(٥) .
٣- من الأحكام المترتبة على المسائل الاجتهادية (٦) :
(١) "الفقيه والمتفقه" (١/٣٠) . (٢) سبق تخريجه انظر (ص١٨) . (٣) رواه أبو داود في "سننه" (٤/١٠٩) برقم (٤٢٩١) وصححه الألباني. انظر: "السلسلة الصحيحة" (٢/١٥٠) برقم (٥٩٩) . (٤) انظر (ص١٨٠) من هذا الكتاب. (٥) "مجموع الفتاوى" (١٤/١٥٩) . وانظر منه (٣٠/٧٩) . (٦) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٠/٢٠٧، و٣٠/٧٩، ٨٠، و٣٥/٢٣٢، ٢٣٣، ٢١٢، ٢١٣، و٢٩/٤٣، ٤٤) ، و"إعلام الموقعين" (١/٤٩،و٣/٢٨٨، ٢٨٩) ، و"شرح الكوكب المنير" (٤/٤٩٢) .