قال الفخر الرازي (١) : "ولما خرج الشافعي إلى مصر أعاد تصنيف كتاب "الرسالة"، وفي كل واحد منهما علم كثير"(٢) وقال الشيخ أحمد شاكر (٣) في تقديمه لكتاب "الرسالة": "وأيا ما كان فقد ذهبت "الرسالة القديمة"، وليست في أيدي الناس الآن إلا "الرسالة الجديدة"، وهي هذا الكتاب (٤) .
ب- مميزات الكتاب:
١- أن كتاب "الرسالة" أول كتاب صُنف في أصول الفقه (٥) .
قال الفخر الرازي: "اتفق الناس على أن أول من صنف في هذا العلم هو الشافعي، وهو الذي رتب أبوابه، وميز بعض أقسامه عن بعض، وشرح مراتبه في الضعف والقوة" (٦) .
وقال أيضًا: "والناس وإن أطنبوا بعد ذلك في علم أصول الفقه إلا أنهم كلهم عيال على الشافعي فيه؛ لأنه هو الذي فتح هذا الباب، والسبق لمن سبق.
ثم نقول: إن الإنسان الذي يكون واضعًا لعلم من العلوم ابتداءً، لو وقعت له فيه هفوة أو زلة، كانت مغفورة له، كيف وقد قال الله تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢] ، وذلك يدل على أن كل ما كان من عند الخلق فإنه لا ينفك عن الاختلاف والتناقض، والفاضل من عدت
(١) هو: محمد بن عمر بن الحسين القرشي، يعرف بابن خطيب الري، أبو عبد الله فخر الدين، الشافعي المفسر المتكلم، من مؤلفاته: "مفاتيح الغيب"، و"تأسيس التقديس"، و"المحصول في أصول الفقه"، توفي سنة (٦٠٦هـ) . انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" لابن السبكي (٥/٣٣) ، و"البداية والنهاية" (١٣/٦٠) . (٢) "مناقب الشافعي" للرازي (١٥٧) . (٣) هو: أحمد بن محمد شاكر بن أحمد بن عبد القادر من آل أبي العلياء، يرفع نسبه إلى الحسين بن علي، عالم بالحديث والتفسير، مصري، من مؤلفاته: "عمدة التفسير"، و"شرح مسند الإمام أحمد"، توفي سنة (١٣٧٧هـ) . انظر: "الأعلام" (١/٢٥٣) . (٤) مقدمة كتاب "الرسالة" (١١) . (٥) انظر: "مجموع الفتاوى" (٢٠/٤٠٣) ، و"تهذيب الأسماء واللغات" (١/٤٩) ، و"البحر المحيط" للزركشي (١/١٠) ، ومقدمة كتاب "الرسالة" (١٣) . (٦) "مناقب الشافعي" للرازي (١٥٣) .