١- باعتبار المصدرية فلا شك أن القرآن والسنة في منزلة واحدة إذ الكل وحي من الله، قال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم: ٣، ٤] .
أ- وقد ذهب بعض أهل العلم (١) إلى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يسن سنة إلا بوحي احتجاجًا بهذه الآية.
ب- وقيل: بل جعل الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بما افترض من طاعته أن يسن فيما ليس فيه نص كتاب، والدليل على ذلك قوله تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ}[النساء: ١٠٥] .
فخصه الله بأن يحكم برأيه لأنه معصوم وأن معه التوفيق.
جـ- وقيل: أُلقي في روعه - صلى الله عليه وسلم - كل ما سنه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الروح الأمين قد ألقى في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فأجملوا في الطلب»(٢) .
د- وقيل: لم يسن - صلى الله عليه وسلم - سنة قط إلا ولها أصل في الكتاب، فجميع سنته بيان للكتاب، فما سنه - صلى الله عليه وسلم - من البيوع فهو بيان لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[النساء: ٢٩] ، * وقوله:{وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥] .
قال الشافعي بعد ذكر هذه الأقوال أو بعضها: "وأي هذا كان فقد بين الله
(١) انظر: "الرسالة (٩٢ - ١٠٤) ، و"الفقيه والمتفقه" (١/٩٠ - ٩٤) . (٢) أخرجه الشافعي في "الرسالة" (٩٣) برقم (٣٠٦) ، ورجح الشيخ أحمد شاكر صحة إسناده. انظر تعليقه على كتاب "الرسالة" (٩٧) .