القسم الأول: دلالة الاقتضاء، وهي: أن يتضمن الكلام إضمارًا ضروريًا لا بد من تقديره؛ لأن الكلام لا يستقيم دونه:
أ- إما لتوقف الصدق عليه، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان»(٢) فإن ذات الخطأ والنسيان لم يرتفعا، فيتضمن تقدير رفع الإثم أو المؤاخذة؛ لتوقف الصدق على هذا التقدير.
ب- وإما لتوقف الصحة عليه عقلاً، مثل:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢] ؛ أي: أهل القرية.
جـ-وإما لتوقف الصحة عليه شرعًا، كقول القائل:«اعتق عبدك عني وعلى ثمنه» ، فلا بد من تقدير الملك السابق، فكأنه قال:«بعني عبدك وأعتقه عني» .
القسم الثاني: دلالة الإشارة: وهي: أن يدل اللفظ على معنى ليس مقصودًا باللفظ في الأصل ولكنه لازم للمقصود، فكأنه مقصود بالتبع، كاستفادة أن أقل مدة الحمل ستة أشهر من قوله تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: ١٥] ، مع قوله تعالى:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[لقمان: ١٤] .
القسم الثالث: دلالة التنبيه وتسمى الإيماء، وهي: أن يقترن بالحكم وصف لو لم يكن هذا الوصف تعليلاً لهذا الحكم لكن ذكره حشوًا في الكلام لا فائدة منه وذلك ما تنزه عنه ألفاظ الشارع، وذلك كقوله تعالى:{إِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}[الأنفطار: ١٣، المطففين: ٢٢] ؛ أي: لبرهم (٣) .
(١) انظر: «روضة الناظر» (٢/١٩٨) وما بعدها، و «قواعد الأصول» (٦٧، ٦٨) ، و «شرح الكوكب المنير» (٣/٤٧٤ - ٤٧٧) ، و «مذكرة الشنقيطي» (٢٣٥، ٢٣٦) . (٢) سبق تخريجه انظر (ص٣٥٠) من هذا الكتاب. (٣) انظر (ص٢٠٢) من هذا الكتاب.