والأَفْضَلُ أَنْ يَغْسِلَ في قَمِيْصٍ خَفِيْفٍ وَاسِعِ الكُمَّيْنِ وإلاّ فَتَقَ رَأْسَ الدَّخَارِيْص (١) فَإِنْ يُعْذَرْ، جُرِّدَ وَيَسْتُرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَعِنْدِي: يُجَرَّدُ ويَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَهُوَ أَفْضَلُ، ويُكْرَهُ أنْ يغسلَ بِالْمَاءِ الْمُسَخَّنِ إلاَّ أَنْ يَحْتَاجَ إِليهِ الغَاسِلُ لأَجْلِ تأذِّيه بِالبَرْدِ أو لإزَالَةِ أَذًى لا يَزُوْلُ إلاَّ بِهِ ويُسْتَحَبُّ أَنْ يخضب رَأْسَ الْمَرْأَةِ ولِحْيَةَ الرَّجُلِ بَالْحِنَّاءِ، ويَبْدَأُ في غَسْلِهِ وَيَرْفعُ رَأْسهُ بِرِفْقٍ إلى أَنْ يَبْلُغَ بِهِ قَرِيْباً مِنَ الْجُلُوْسِ، وَيمر يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ ثُمَّ يَلفُّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً ويُنَجِّيْهِ وَلا يَحِلُّ لَهُ مَسُّ عَوْرَتِهِ.
ويُسْتَحَبُّ أَنْ لا يَمَسَّ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ إلاّ بِخِرْقَةٍ، ثُمَّ يَنْوِي غَسْلَهُ وَيُسَمِّي ويُدْخِلُ أُصْبُعَهُ مَبْلُولَةً بِالْمَاءِ بَيْنَ شَفَتَيْهِ فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ وَفِي مِنْخَرَيْهِ فَيُنَظِّفهُمَا وَيُوَضِّئُهُ وُضُوْءَ هُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، ثُمَّ لِحْيَتَهُ ولا يُسَرِّحُ شَعْرَهُ.
وَيَغْسِلُ شِقَّهُ الأَيْمَنَ ثُمَّ الأَيْسَرَ ثُمَّ يُفِيْضُ الْمَاءَ عَلَى جَمِيْعِ بَدَنِهِ ثَلاثاً، ثُمَّ يُمِرُّ يَدَهُ في كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى بَطْنِهِ فإِنْ لَمْ يَنْقَ بِالثَّلاثِ زَادَ إلى السَّبْعِ، ولا يَقْطَعُ إِلاَّ عَلَى وِتْرٍ، وَقَالَ الْخِرْقِي: ويَكُونُ في كُلِّ الْمِيَاهِ شَيْءٌ مِنَ السِّدْرِ وَكَانَ ابن حَامِدٍ يَطْرَحُ في الإِنَاءِ الذي فِيهِ مَاءُ الغَسْلِ نُبَذاً مِنَ السِّدْرِ مَا لا (٢) يُغَيِّرُهُ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يغسل فِي الْمَرَّةِ الأُوْلَى بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ثُمَّ يَغْسِلُ بِالْمَاءِ القَرَاحِ؛ لأَنَّ أَحْمَدَ - رضي الله عنه - شَبَّهَ غَسْلَهُ بِغَسْلِ الْجَنَابَةِ وَيَجْعَلُ في الغَسْلَةِ الأَخِيْرَةِ كَافُوْراً / ٥٣ و / ويُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ ويَحُفُّ شَارِبُهُ، ويُزَالُ شَعْرُ عَانَتِهِ بِالنُّوْرَةِ أو الْحَلْقِ ولا يُخْتَنُ إِنْ مَاتَ غَيْرَ مَخْتُونٍ.
والفرْضُ مِنْ ذَلِكَ النِّيَّةُ والتَّسْمِيَةُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ويُغَسِّلُهُ بِسِدْرِ القَرَاحِ ثُمَّ يُنَشَّفُ بثوبٍ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ أُعِيْدَ عَلَيْهِ الغَسْلُ إلى سَبْعِ مَرّاتٍ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدِي أَنّهُ يُغْسَلُ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ ويُوَضَّأُ وُضُوءَ هُ لِلصَّلاةِ، ولا تَجِبُ إِعَادَةُ غَسْلِهِ فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ أُلْحِمَ بالقُطْنِ والطِّيْنِ الْحُرِّ، فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْخُرُوْجُ حُشِيَ بِهِ، ثُمَّ يَغْسِلُ الْمَحَلَّ ويُوضَّأُ، فَإِنْ خَرَجَ شَيْءٌ مِنْهُ بَعْدَ وَضْعِهِ في أَكْفَانِهِ لَمْ يَعُدْ إلى الغَسْلِ وَمَنْ تَعَذَّرَ غَسْلُهُ فإِنَّهُ يُيَمَّمُ، وعلى الغَاسِلِ سَتْر مَا يَرَاهُ إلاَّ أَنْ يَكُونَ حَسَناً.
بَابُ الكَفَنِ
وَيَجِبُ كَفَنُ الْمَيِّتِ في مَالِهِ، ويُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ والوَصِيَّةِ، فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ.
(١) في الأصل: ((دخاريس)) بالسين، والتصويب من مصادر اللغة، ومعناها: ((القميص))، انظر: مختار الصحاح: ٢٠٠.(٢) اسْتِعْمَال ((لا)) هنا بمعنى ((لَمْ))، وَهُوَ اسْتِعْمَال عَلَى خِلاَف الأفصح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute